واحة الفكر
والثقافة
>>
مقالات فكرية :
اللغة العربية والإعلام..
للأستاذ نصر الدين البحرة
2
غيض من فيض
وفي مايلي أمثلة هي غيض من فيض في الأغلاط الشائعة في وسائل الإعلام
المسموعة والمرئية:
جاء نفس الرجل. ورأيتُ "ذات المرأة". فقد استعمل لفظا "نفس" و "ذات"
للتوكيد في غير سياقهما الفصيح الصحيح، ذاك أن لفظ التوكيد المعنوي:
"جميع- نفس- عين- كل.. إلخ" ينبغي أن يرد بعد الاسم المراد توكيده
أولاً.
ويشترط ثانياً لإقامة التوكيد بهذه الألفاظ أن تضاف إلى ضمير يعود على
المؤكَّد ويناسبه(4)، فيقال: "جاء الرجل نفسه" و "رأيتُ المرأة ذاتها".
إن كلمتي "سوى" و "غير" هما من أدوات الاستثناء، تردان هكذا دون إدخال
"ال" التعريف عليهما. والغلط الصراح في تعريفهما كأن يقال: وهذا
"السِّوى" من الكائنات. وهذه الألفاظ "الغير" مفهومة. والصواب القول:
"وسوى هذا من الكائنات". و "هذه الألفاظ غير المفهومة".
ويدخل في هذا النوع من الغلط تعريف لفظ "بعض".. فإنها لا تعرف على الإطلاق.
استخدام "لام" الاختصاص والملك في غير موضعها يؤدي إلى ركاكة وضعف في
تركيب الجملة اللغوي. وقد كثر ذلك في السنوات الأخيرة، حتى بات نتيجة
التكرار والتواتر، وكأنه صواب.
يقال مثلاً: "الجنة للمؤمنين" على سبيل الاختصاص. ويقال أيضاً: "له ما في
السموات وما في الأرض" على سبيل الملك.
ونغلط حين نقول: "في السن المبكرة للطفل" فالأفصح أن نقول: "في سن
الطفل المبكرة" فلفظ "المبكرة" هو صفة لكلمة "سن".
ويجانبون الصواب عندما يقولون في نشرات الأخبار:
"يحمِّلون اللوم للجانب الفلسطيني "وهكذا أُلغي معمولا فعل "يحمّلون"
الذي ينصب مفعولين فالصواب قولهم "يحمّلون اللوم الجانب الفلسطيني". أو
"يحمِّلون الجانب الفلسطيني اللومَ.
من مواضع فتح همزة إن وكسرها:
يكثر الغلط في فتح همزة "أن" أو كسرها. وهي واجبة الفتح في المواضع التالية:
1- أن يكون للمصدر المؤول منها ومن معموليها محل للإعراب: الفاعل "أو لم
يكفهم أنا أنزلنا"أي: إنزالنا. أو نائب الفاعل "قل أوحي إلي أنه استمع
نفر من الجن".
2- أن تقع مفعولاً لغير القول. "ولا تخافون أنكم أشركتم بالله".
3- أن تقع في موضع رفع بالابتداء "ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة" أو أن
تقع في موضع الخبر "اعتقادي أنك فاضل".
من مواضع وجوب كسر همزة "إن" في المواضع التالية:
1- في ابتداء الكلام "إنا أعطيناك الكوثر".
2- أن تقع في أول الصلة "وآتيناه من الكنوز ما إنَّ مفاتحه لتنوء" أو في
أول الصفة نحو "مررت برجل إنه فاضل" أو في أول الجملة الحالية كقوله
تعالى: "كما أخرجك ربك من بيتك بالحق، وإن فريقاً من المؤمنين لكارهون".
أو أن تجيء في أول الجملة المضاف إليها ما يختص بالجمل نحو "جلستُ حيث إن
زيداً جالس.".
3- أن تقع قبل اللام المعلقة أي المزحلقة نحو "والله يعلم إنك لرسوله".
وليس من ضابط في الإعلام المسموع أو المرئي لضبط هذه الهمزة فقد
يكسرونها حيث ينبغي أن تفتح كقولهم "وأضاف إن" وقد يفتحونها حيث ينبغي أن
تكسر كقولهم "قال أن".
مسألة عين المضارع:
يصعب ضبط عين المضارع أحياناً دون الرجوع إلى المعجم، لكن هناك
أفعالاً كثيرة الاستعمال قراءة وكتابة، في حيث لا يقع غلط في لفظها لو
تُرك شأنها عفوياً تلقائياً.
مع ذلك فإنهم يغلطون في قراءتها حتى وهي في صيغة الماضي، في بعض
الأوقات، مثل الأفعال التالية: "شرب. كسر. لعب. ضرب. سحب. عمل... إلخ".
يكثر الغلط أيضاً في قراءة الحرف الأخير، من الفعل الماضي معتل الآخر
بالألف. فإن أفعالاً مثل "رمَوا-قضَوا- سعَوا" حيث ينبغي أن تكون حروف
"الميم والضاد والعين" مفتوحة، تقرأ مضمومة. وثمة أفعال يجب أن يُقرأ
الحرف الأخير فيها مضموماً، لكنهم يفتحونها كقولهم: "قالَوا- سامَوا-
رامَوا" بفتح اللام والميمين في هذه الأفعال.
"حسب" ساكنةً... ومتحركة
هناك كلمتان مختلفتا المعنى والدلالة والإعراب، لكنهما تستخدمان في
معنى واحد، على الرغم من اختلاف المقام. عدد حروفهما واحد، لكن شكلهما
يختلف. "حَسْب" و "حَسَب".
لا بد من التمييز بينهما إذاً كما يلي:
آ-1ً- نقول "حَسبْك درهمٌ" أي: كفايتك درهم. وقد تزاد الباء فيقال
"بحسْبك درهم" فحسْب مبتدأ والباء زائدة. ولكن "السين" في الحالين
ساكنة.
آ-2ً- ونقول أيضاً: "هذا زيدٌ حسبكَ من رجل" أي "كافياً لك" بنصب "حَسْب"
حالاً من زيد.
آ-3ً- ونقول أيضاً "حسْب" غير مضافة، فتُبنى على الضمَ كقولنا: "هذا
حسْبُ يا أخي" وقد تدخل الفاء للتزيين، فيقال: "زيدٌ صديقي فحسب" أي:
يكفيني عن غيره.
ب- أما اللفظ الثاني فهو "حَسَب" مفتوحة السين، وتدل هذه الكلمة على
العدد والقدر كقولنا: "هذا بحَسَب هذا" ومنه "الأجر على حسَب المصيبة" و
"ليكن عملك بحسَب ذلك".
وهناك أخيراً "الحَسَب" وهو ما نعده من مفاخر الآباء.
|