وجهة نظر
>>
مشكلات اجتماعية
:
وهم نعيشه أم يعيشنا
شدتني بعض العناوين في إحدى القنوات والتي كانت تتحدث عن هوس أصاب مجتمعنا أسموها ب( ظاهرة يحيى ومهند ) لماذا هذا السحر ؟! هل سبب تعلق النساء بهم تحجر قلب الرجل العربي ؟!
وعلى ضوئها بدأت الأسئلة تتهافت :
- هل الدافع الأول لمشاهدة هذه المسلسلات جمال الممثلين ؟
- بعد كم سنة من الزواج يفقد الحب طعمه ولماذا ؟
- هل لهذه المسلسلات إيجابيات أم سلبيات فقط ؟
- هل حقاً وقعت نسب للطلاق بعدها ؟
- ما الذي تمنحه هذه المسلسلات للمشاهد ليتعلق بها هذا التعلق ؟
كانت الإجابات من خلال ( sms) وبعض الهواتف وأضفت عليها بعض المقابلات مع بعض المشاهدين والمشاهدات :
- معظم الفتيات يرين تحجر قلب الرجل العربي , وهو ما دفعهن للإعجاب بأبطال هذه المسلسلات ويرد عليهن البعض: شبابنا ورجالنا أحسن منهم لكن يحتاجون لفرصة فهم عمليين أكثر من رومانسيين ..
- امرأة تقول ( ويوافقها الكل ) : الرومانسية هي كل ما يبحث عنه المتفرج ورجالنا تفتقدها أو تخجل منها أو ربما تشعر بأن المرأة لا تعامل بهذا الإحساس فتطمع أو ربما يعتبرها نقصا من رجولته ( أقول: ربما كلامك فيه شيء من الصحة لكن لا نعمم )
- رجل يقول : العشق عندنا نحن العرب عنترة وعبلة وقيس وليلى (أي أسمى من مهند ويحيى )
- آخر يقول : إن هذه المسلسلات كونت حاجزاً بين الزوج وزوجته ( أقول : إذا خرجت المشاهدة عن العقلانية ستتسبب بأكثر من ذلك أما إذا تيقن المشاهد بأن هذا تمثيل وهمي ولم ينسق وراء المظاهر والكلام المعسول فلن يكن حاجزا بل ربما يتعلم الزوجين بعضا منها)
- أخرى : أحسست بقربه من العربي وخاصة في غيرته ونخوته ..
- العموم يقول : إن هذه المسلسلات للتسلية وهي وهمية ورومانسية خيالية مفرطة لا تصدق ( بدليل الإشاعة بأن الممثلة التي تلعب دور نور ستطلق من زوجها لعدم وجود هذه الرومانسية في حياتهما ) أي كذبوا الكذبة ووقعوا في شباكها .
- الطلاق بسبب هذه المسلسلات ما هو إلا شماعة يعلق عليها فشل الزواج .. أن يدمر الإنسان زواجه وحياته لمتابعته لمسلسل فهذا كذب واضح وإشاعات لا تصدق وإن وقعت فلا بد أنها وقعت من معتوهين ..
- المشكلة في المقارنة بين وهم المتابعة وحقيقة الواقع والمطالبة بالتغيير ( المشكلة في القدرة على التغيير إلى أشياء غير أصلية ووهمية )
هذه كانت آراء متفاوتة أما رأيي الذي لا ألزم به أحدا :
ليست المشكلة في هذه المسلسلات بل في عقول البعض الفارغة والسخيفة التي تلتهم كل ما تعرضه الشاشة الصغيرة بنهم الجائع البدائي الذي لم يكن يميز بين مفيد وضار وهذا يدفعها للتفكير في أشياء مضرة ولو عرضت بسرعة رياح فتأخذها وتثبتها في الذهن وتعمل عليها, بينما لا تأخذ الحكمة والإفادة ولو فصلت تفصيلا...
دفعتني الكتابة للمتابعة والتعرف على أنماط حياة مجتمع مختلف : وأعجبني الكاتب عندما حاول التركيز على أخلاقيات جميلة وشرقية :
فمثلا نرى إصرار الرجل على الإخلاص لزوجته رغم كل ما يمتلك من مال وجمال لو توافر القليل منه لشبابنا لاستخدموه في مغامرات عاطفية لا حصر لها ..ومع إخلاصه يصر على الحفاظ على زواجه من أي شر أو من الذبول مهما كانت الظروف (وهذا يعارض ما نسمعه من حوادث طلاق فلابد أن الكاتب لم يتوقع هذا التأثير السلبي لنصائحه المشاهدة ) وغير ذلك من أخلاقيات الشهامة وحمل هم العائلة وتحمل المسؤولية والغيرة والنخوة وعدم انقطاع الأمل مهما كانت الظروف صعبة ..إذن فالغريب في المشاهد الذي يأخذ المظهر السلبي ويطبقه دون مراعاة الفوارق الاجتماعية وغربلتها تلقائيا مع ما يناسب مجتمعنا الشرقي المسلم ..نعم إننا نغفل عن قيم واضحة ونركض وراء السلبية ففكرة الرومانسية اللانهائية مزعجة فقد يكون الرجل العربي بعيدا عنها في زماننا هذا لكني لا ألومه فهموم العربي لا يحتملها قلب.. من أوضاع الاحتلال والتدمير إلى الأمور الاقتصادية السيئة التي تكاد تشل حركة العقول فما بال القلوب ..لكني مع ذلك أوجه كلمة قالها أحدهم :الحب كالخبز إن لم نجاهد لصنعه في بيوتنا سيحتلها الغربي بأفلامه وأفكاره الرومانسية التي نتعطش لها كما احتل أسواقنا بسلع نحتاجها..فهل نسمح له باحتلالنا قلبا وقالبا ..؟!
احذروا يا عرب ..يا رجال العرب فعار عليكم أن تشتهي نساؤكم الزواج برجال غربيين كما تشتهي مأكولاتهم الغربية .. فكما تجاهدون لتقدموا لقمة الجسد قدموها للروح في بيوتكم الجافية التي دفعت حتى الأطفال والعجائز إلى التعلق برومانسية هذه المسلسلات فهفت قلوبهم إليها ..تنازلوا عن عرش الجفاء لتتربعوا على عرش القلوب ليس كما يفعل ( مهند ويحيى ) وإنما كما كان يفعل الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي حتى في ساعاته الأخيرة كان الحب وحقيقته باديان في جبلته الكريمة فمات على صدر أحب الناس إلى قلبه .. كيف عاش رسول الله صلى الله عليه وسلم ملاطفا الصغير والكبير كيف علمهم الحب والرحمة والجمال و الكمال ...فحتى الجمال الذي فتن به المشاهدين علمنا رسولنا كيف نهتم به وبخلقنا فأمرنا بتحسين مظهرنا والتجمل لزوجاتنا لا كما يفعل الكثير اليوم من الذين يرون في التدين سببا لإهمالهم أشكالهم حتى لا يستطيع الناظر أن ينظر إليهم فكيف يسمع دعوتهم أو يحترمهم ..؟!
عودوا لسيرة خير الخلق ترون كل ما هو سامي وحقيقي وإن فتن الناس بالغرب فذلك تقصير منا في عرض المحبة الحقيقية والمثالية التي لم تكن وهما كما نرى في هذه المسلسلات غير أن هؤلاء تعبوا في عرض بضاعتهم واستحقوا النتيجة والإعجاب أما نحن فمن يتعب ليري الناس تلك الحقيقة اللؤلؤة المكنونة في قلب المحارة الغارقة في بحر من النسيان والكسل وقلة المال والحيلة والعمل..
أختم بسؤال : أليس الأولى بنا أن نفكر في حب الذي يتودد إلينا في كل حين وعمل ونفس وينعم علينا من النعم ما يغرق القلب به حبا وامتنانا ..متى ننفض الغبار عن هذا الحب الذي تتعب أرواحنا بتجاهله.. متى ؟؟!
اعذروني إن أطلت أو دخلت في موضوع قد يراه البعض لا يستحق النقاش لكننا نواكب تقلبات المجتمع ولا بد من رأي قد يبدو فيه القليل من الصواب أو الموضوعية .
رزان دلعو
|