وجهة نظر
>>
مشكلات اجتماعية
:
كارثة الطلاق
نلاحظ في الآونة الأخيرة ارتفاعاً كبيراً في حالات الطلاق حتى إنَّ نسبتها أصبحت توازي بعض المجتمعات الغربية فما الذي يدفع بمجتمع عرف دائماً بالتماسك الأسري إلى التفكك بهذه الأرقام المخيفة والتي تنذر بخطر يزعزع كيان الأسرة العربية التي كنا دائماً نتباهى على الأمم الأخرى بتماسكها وقوتها . هل هو الرجل ؟ هل هي المرأة ؟ المجتمع أم ماذا ؟
بعض الناس يتهمون المرأة وخاصة بعد تحررها وزيادة نسبة الثقافة والوعي عندها بأنها تخلَّـت عن دورها الأساسي في لمِّ شمل الأسرة والعطاء بدون مقابل والتضحية والصبر .
ولكني أتساءل هل كل امرأة مثقفة وواعية ولها دور في مكان ما تسعى إلى الطلاق عند أول سوء تفاهم يحصل ؟
وهل كل امرأة جاهلة لا تعمل تحافظ على أسرتها وبيتها ؟
في اعتقادي أنَّ زيادة نسبة الطلاق بين المثقفات مرجعه إلى أنَّ المرأة المتعلمة أصبحت على دراية أكثر قوة في مجابهة الظلم أو الخطأ والنظر إلى أبعد من الخوف من لقب مطلقة. فالطلاق بالنسبة لها حق أعطاه الله لها ولو على كراهية لكي تتخلص من زواج لا يجلب لها أو لأولادها إلا الألم والتعاسة ومن حقها التخلص من هذا الوضع وبدء حياة أفضل على التي بها خسائر .
الله لا يريد الظلم لأحد من خلقه والمرأة من خلقه فهل من المنصف أن تقبل بوضع سيء تعامل فيه بقسوة وتعيش حياة بائسة لا أمل فيها فقط من أجل ألا تحمل لقب مطلقة .
إنَّ من شجاعة المرء ألا يقبل بالظلم وأن يدفعه عن نفسه وأهله فهل يطلب من المرأة فقط أن تكون جبانة ؟
من الجميل ألا نفكر في الطلاق إلا عند استنفاذ جميع الحلول الأخرى لأن الأسرة هي نواة المجتمع ، لن تكون نواة سليمة بوجود طلاق بين الأبوين وانقسام الأولاد بينهما .
ولكن آن لنا بعد هذه النسب أن ننظر إلى الأمر بعين ثاقبة تصلح الخطأ وتضع يدها على المكان الصحيح ، وهذا يبدأ بإصلاح النظرة إلى المرأة ، تلك المرأة التي تحمل كل الأخطاء ويطلب منها أن تكون الضحية دوماً.
الإصلاح برأيي يبدأ من المجتمع الذي ينشئ أفراده بنظرة أنانية ، الذي ينشئ الرجل على أنه دائماً على صواب والمرأة دائماً على خطأ ، يبدأ عندما نعلم أطفالنا حقوقهم وواجباتهم ، عندما نعلم الذكر فيهم أنه إنسان يخطئ ويصيب فإذا أخطأ عليه أن يصلح نفسه واذا أصاب عليه أن يكون أقل سادية في التعامل مع الأنثى ، وعندما نعلم الأنثى أنها خلقت لتكمل الرجل ولتكون شريكته وليست عبدته ، وأنَّ لها حقوق وعليها واجبات وليست مخلوقاً ضعيفاً خلقه الله ليتحمل أوزار الدنيا بنفس خائفة ضعيفة بل مخلوقاً قوياً له كرامة وله حدود خلقت له ليحافظ عليه وليس ليحجر على إنسانيته ، مخلوق إذا صلحت نظرته لنفسه صلح معها دوره في الحياة فنشر الحب والسعادة والراحة في بيته وبين أولاده وأنشأ للمجتمع أفراداً أسوياء يعرفون مالهم وما عليهم .
زيادة نسبة الطلاق حلها ليس في الهجوم على المرأة واتهامها بأنها كلما زادت معرفتها بالهياة زادت رغبتها في الطلاق بل بإصلاح نظرة المجتمع للمرأة فالله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .
أمل سمارة .
|