آخر تحديث: 2024-03-14

     واحة الفكر والثقافة

نحن بحاجة اليك
انعقدت خناصر أهل العلم على كبير فضله، وكريم خصاله، ودماثة أخلاقه، وجمّ تواضعه، وحميد جُرْأته
::: المزيد

................................................................

دراسات قرآنية
إعمار بيوت الله
إصلاح ذات البَين
مكانة المرأة في الإسلام 3
مكانة المرأة في الإسلام 2
::: المزيد

................................................................

دراسات من الواقع
عُرف الصيام قديماً منذ آلاف السنين عند معظم شعوب العالم، وكان دائماً الوسيلة الطبيعية للشفاء من كثير
::: المزيد

................................................................

مقالات فكرية
خطة رمضان ( أنا والقرآن )
كيف يصوم اللسان؟
اللغة العربية والإعلام 2
تلاوة الأطفال للقرآن وسماعه تأديب وتربية وتعليم:
::: المزيد

................................................................

مقالات دعوية
من شمائل وأوصاف النبي المختار صلى الله عليه وسلم
بر الوالدين (حقوق الأولاد )
بر الوالدين 2( ولاتنهرهما )
بر الوالدين 1
::: المزيد
 

     وجهـة نظــر

خواطر شبابية
هل أنت تعامل الناس بأخلاقك ام بأخلاقهم ؟
من هو شهر رمضان ؟
أمـــــــــــــي
غزة والصحافة العربية
::: المزيد

................................................................

خواطر أنثوية
الأم
أفضل النساء
المعلِّم
همسة مؤمنة
::: المزيد

................................................................

مشكلات اجتماعية
قطيعة الرحم
في بيتنا أسير للكلمة التافهة !
15 حلا في 10 دقائق
كيف يقترب الأبوان من قلوب أبنائهم وبناتهم؟
::: المزيد

     سـؤال و جـواب

فتاوى
ظهور أحد في عمل فني يمثل شخصية سيدنا محمد
القتل
شروط الذكر
تسويق
::: المزيد

................................................................

مشكلات وحلول
احب احد من اقاربي
أرجو الرد للضرورة القصوى
ارجوكم ساعدوني انا افكر في الانتحار
أغاني تامر
::: المزيد

................................................................

تفسير الأحلام
حلم طويل
حلم غريب
حلم عن الحصان والفيل
انا تعبان
::: المزيد

................................................................

الزاوية القانونية
إبطال زواج
عقد الفرز والقسمه
الوكالة
الشهادة
::: المزيد
 

       أحسـن القـول

برنامج نور على نور الاذاعي
إعداد وتقديم :
الأستاذ الشيخ أحمد سامر القباني
والأستاذ الشيخ محمد خير الطرشان
الإرهـــاب
فريضة طلب العلم
خلق الحلم 2
خلق الحلم 1
::: المزيد

................................................................

محاضرات و نشاطات
سمك يطير
سمية في تركيا
ندوة الشباب ومشكلاتهم 2
ندوة الشباب ومشكلاتهم 1
::: المزيد
 

       اخترنــا لكـم

هل تعلم؟
هل تعلم
فوائد الليمون
فنون الذوقيات والإتيكيت الإسلامي3
فنون الذوقيات والإتيكيت الإسلامي2
::: المزيد

................................................................

قصة وعبرة
أبتي لن أعصيك... فهل لك أن ترجع لي يدي؟
أثر المعلم
المهم " كيف ننظر للابتلاء عندما يأتي ؟
كيس من البطاطا ..
::: المزيد
 

   ::    المزيد من الأخبار


الموجز في قواعد اللغة العربية

كتابٍ من صنعة متخصصٍ في علوم العربية عاش حياته لأجلها تأليفاً وتدريساً، ويدرك القارئ لهذا الكتاب تمكن المؤلف رحمه الله في هذا المجال وقدرته التي أعطت الكتاب ذوقاً فنياً عند صياغته له بمنهج مبسط واضح جامع.
::: المزيد

 

 

حسب اسم الكتاب

حسب اسم الكاتب

حسب الموضوع

dot الموجز في قواعد اللغة العربية
dot غزوة الأحزاب بين الأمس واليوم
dot الإعجاز التشريعي والعلمي في آيات الطعام والشراب في سورتي المائدة والأنعام
dot أمريكا حلم الشباب الواهم

dot حاشية ابن عابدين
dot الموجز في قواعد اللغة العربية
dot معجم أخطاء الكتّاب
dot الميسر في أصول الفقه





 

 

 

 

 

 

 

 

 


اخترنا لكم >> ما رأيك أن تعلم :

مجمع اللغة العربية بدمشق
الدكتور عبد الله واثق شهيد
الأمين العام لمجمع اللغة العربية بدمشق
1

    تـمـهـيـد
          نشأت أغلب المجامع اللغوية العربية على نسق واحد مستقى من نموذج المجمع
الفرنسي، وروعيت في كلٍّ منها شروط البيئة التي أنشئ فيها المجمع وأحاطت
به، وأهمها البيئة العربية والطابع العربي الذي طبع المجتمع وثقافته.
لذلك كانت أغراض مجامع اللغة العربية وأهدافها متشابهة. تعمل جميعها على
المحافظة على سلامة اللغة العربية وتنقيتها، وجعلها وافيةً بمطالب الآداب
والعلوم والفنون ملائمة لحاجات العصر، وعلى وضع المصطلحات العلمية
والمعاجم اللغوية والمختصة، وعلى تيسير تعلم اللغة العربية وتعليمها،
نحوها وصرفها وإملائها، وعلى تحقيق التراث العربي الإسلامي العلمي
واللغوي والأدبي. وهي إن اختلفت في الأغراض فإنما تختلف غالباً في
صياغتها وفيما يصيب بعضها من تفصيل. وللمجامع العربية استقلالها الإداري
والمالي ويرتبط أكثرها بوزير (وزير التعليم العالي أو التربية...) وبعضها
بوزارة، وقليل منها بالملك أو برئاسة الجمهورية. أما وسائل عمل المجامع
العربية وأساليبه لتحقيق أغراضها والقيام بمهامها فمتشابهة أيضاً: لكل
منها مجلس ومكتب ولجان ورئيس ونائب ينوب عنه إذا غاب ويساعده فيما يشاء
من مهامه، وأمين عام يقوم في بعضها مقام الرئيس ويكون عندئذ أميناً عاماً
مدى الحياة، وتحلّ اللجنة الإدارية في بعضها محل المكتب في التسمية
والاختصاص.
   وقد يكون لوضع المصطلحات أكبر الأثر في الدفع الاجتماعي لإحداث
المجامع، ويلاحظ ذلك من قيام كثير منها بدور لجنة للمصطلحات قبل إحداثها،
وهذا هو ما نقرؤه في تاريخ مجامع دمشق والقاهرة وبغداد وعمان على الأقل.
    بل إن وضع المصطلحات وتنقية اللغة غرض مشترك من أغراض مجامع البلدان
الآخذة في التطور، بلدان العالم الثالث. فلقد أدركت هذه الأمم أن تطورها
يتوقف على تطوير لغاتها لتكون قادرة على الوفاء بمطالب العلوم والفنون
وملائمة لحاجات العصر من جهة، وعلى الحفاظ على كيانها القومي وهويتها
الثقافية من جهة أخرى، في عصر تصاعد فيه المد القومي واستشرت جميع أشكال
القهر والتسلط التي واكبت عصر النهضة العربية.
          ونرى ذلك واضحاً أيضاً في أغراض المجامع المجاورة الأخرى كمجمعي جارتينا
الإسلاميتين تركيا وإيران. نرى أن تنقية اللغة التركية مما دخلها من
اللغتين العربية والفارسية، ووضع معجم لغوي تركي وقواعد للغة التركية،
كانت من أهم أغراض المجمع التركي اللغوي الذي كان أتاتورك يتابع أعماله
بعناية. ونرى في المجمع اللغوي الإيراني، أن موضوع تنقية اللغة الفارسية
مما دخلها من اللغة العربية، كان الموضوع الذي شاركت المجمع في نقاشه
الجامعات والصحافة، وطال الجدل فيه بين متشددين قد يذهب بهم تشددهم إلى
إفقاد اللغة بعض طاقتها على ملاءمة حاجات المجتمع، التي تأصلت فيه بطابع
عربي إسلامي، ومعتدلين يرون في التعنّت إضراراً باللغة الفارسية وتشدداً
غير مبرر.
         
   إن التشدد في صون اللغة والحفاظ عليها أصبح اليوم سمةً من سمات العصر،
يزداد عزم الأمم تصميماً على صدّ أخطار الغزو الثقافي صوناً لها، ويزداد
طموحها إلى التميز تشبثاً بها. وأصبح الحفاظ على التنوع الثقافيّ في
عصرنا هذا الذي سمي عصر العولمة، ظاهرة تسطع فيه تعبيراً عن تآزر الأمم
في الدفاع عن تنوع اللغات وحمايتها من عدوان اللغة الأمريكية الإنجليزية
التي هي أيضاً أحد رموز العولمة.
    ولقد أثير في منظمة الأمم المتحدة للثقافة والتربية والعلوم
(اليونسكو) موضوع اندثار لغات عديدة سنوياً بفعل الوَقْع القوي للثقافة
الأمريكية المحمولة على اقتصاد مهيمن، والمنقولة بلغتها في التلفزة
والسينما والإذاعات والمواقع المتكاثرة على الإنترنت والصحافة المرئية
والمقروءة والمكتوبة، ومحاولة فرضها في التعليم والاقتصاد وفي جميع
المناشط الدولية والأنشطة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية. إنه وَقْعٌ
قوي ينهك اللغات الأخرى، ولا سيما غير العريقة التي يندثر العديد منها
سنوياً. ولقد وقفت أمم الأرض قاطبة، باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية
وإسرائيل، في المنظمة الدولية (اليونسكو) تدافع عن ضرورة تنوع اللغات
والثقافات ليُثري تنوعها الحضارة الإنسانية بما تحمله ثقافاتها من خصائص
أمم الأرض والشعوب، واتخذت المنظمة قرارات متتالية في اجتماعاتها
ومؤتمراتها في السنوات الثلاث السابقة، كان من أهمها قرار إحداث برنامج
حفظ الإرث الثقافي، وكان آخرها القرار الحاسم بحماية التنوع الثقافي،
الذي اتخذته في مؤتمرها السنوي العام في خريف عام 2005، بإجماع - استثني
منه إسرائيل - ضد تعنّت الولايات المتحدة الأمريكية.
 
          والمجامع اللغوية معنية بالدفاع عن اللغة كغيرها من الهيئات حكومية كانت
أو غير حكومية، وربما تكون معنية أكثر من غيرها لأنها أُنشئت خصيصاً لهذه
الغاية. وعليها أن تمتلك كل الوسائل وتستخدم جميع الأساليب التي تحتاج
إليها للنجاح في مهمتها. وسنحاول فيما يلي من الصفحات تناول أعمال مجمع
دمشق بالدراسة، دراسةً يكون مرجعنا فيها الوسائل والأساليب التي اتبعها
لتحقيق أغراضه في إطار القوانين والأنظمة التي رسمت له، والبيئة
الاجتماعية التي احتضنته وأحاطت به.
          قام مجمع دمشق بالمهام المنوطة به في سنواته الأولى على أحسن وجه، ولم
يكن في وثيقة إحداثه في هذه المرحلة ما ينظم عمله ويحدد أغراضه ومهامه
والوسائل التي يمكنه استعمالها لتحقيق أغراضه، ولا الأساليب التي تيسر له
النجاح في مهمته. فقد أصدر الحاكم العسكري الوثيقة التالية الموجهة إلى
رئيس ديوان المعارف برقم وتاريخ 8/6/1919:
          «دفعاً للالتباس الذي يمكن وقوعه نسبنا أن يسمى ديوانكم بالجمع العلمي
(آقاده مي) وإننا لنرجو إفراز ميزانية المدارس على حدة وإرسالها إلى مدير
المعارف العام والسلام عليكم». و(آقاده مني) هي كلمة (أكاديمي) كما كانت
تلفظ في تلك الأيام إبّان الخروج من العهد العثماني. ويقول محمد كرد علي
رئيس مجمع دمشق في التقرير الأول عن أعمال المجمع: «كان المجمع العلمي
العربي يعرف لأول أمره بالشعبة الأولى للترجمة والتأليف التي أُسست على
أثر تأليف الحكومة العربية في أواخر خريف سنة 1918، ثم جُعلت هذه الشعبة
ديوانَ المعارف... موكولاً (ووُكِل) إليها النظر في أمور المعارف
والتأليف وتأسيس دار للآثار والعناية بالمكاتب ولا سيما دار الكتب
الظاهرية...». وهذا يعني أن تأسيس دار للآثار والعناية بالمكتبات أو دور
الكتب وإيلاء دار الكتب الظاهرية عناية خاصة، أصبحت كلها من مهام المجمع،
إضافةً إلى مهامه اللغوية والعلمية. ويفهم من التقارير السنوية الستة
الأولى أن المجمع ارتبط برئيس الدولة حتى سنة 1927 وبرئيس مجلس الوزراء
في السنوات الثلاث التالية، ثم ارتبط إدارةً بوزارة المعارف كما نص على
ذلك القرار ذو الرقم 135 لعام 1928 الخاص بتنظيم المجمع. وهو أول تنظيم
للمجمع تضعه الدولة.
          لابدّ أن أغراض المجمع وأهدافه كانت واضحة في أذهان مؤسسيه وإن لم تصدر
في وثيقة رسمية. ويؤيد هذا الرأي أن الدعوة إلى إنشاء المجامع في
الجمعيات والصحافة، كما ذكر في هذه الدراسة، سبقت إنشاء مجمعنا بعدة
عقود، وهو أيضاً وريث لجنة الترجمة، بأغراضها العامة التي وضعت لها منذ
إنشائها، ثم إن رئيس المجمع صرح مراراً أن مجمعنا اتخذ المجمع الفرنسي
نموذجاً أو أنه أنشئ على غراره وحذا حذوه، وهذا يجعل المهام متشابهة؛
ويؤيده أخيراً ما يمكن استخلاصه من الأغراض التي جاءت في المنشور العام
الذي أعده رئيس المجمع محمد كرد علي باللغتين العربية والفرنسية وأرسل،
في 20 أيلول سنة  1919، أي في بدايات عمل المجمع، إلى المجلات والمجامع
في الشرق والغرب. ولقد قام الأعضاء المؤسسون مع رئيسهم بوضع مشروع نظام
أو قانون اتبعوه في عملهم دون أن يصدر، وكان من أبرز ما فيه، التعريف
بأغراض المجمع، وهي لا تخرج عن الأغراض العامة للمجامع العلمية اللغوية
التي أشرنا إليها من قبل (في الصفحة 495 من المجلد 81)، وتصنيف أعضائه في
ثلاثة أصناف: أعضاء عاملون (وهم موظفون) وعددهم ستة، وأعضاء مؤازرون في
دمشق (غير موظفين) وعددهم ما بين 12 و18، وأعضاء مراسلون عددهم غير محدد.
         
     كانت هذه هي كل المعالم الرئيسية التنظيمية للمجمع إبان تأسيسه. لقد
تركت الوثيقة التي أصدرها الحاكم العسكري للمكلفين إنشاءه كثيراً من
الحرية في العمل، ولم يصف المؤسسون إليها إلا القليل وقد أشرنا إليه. هذه
الحرية حمّلت المؤسسين مسؤولية النجاح أو الإخفاق في قيام المجمع بما
يعوّل عليه من المهام الضخمة التي يأتي في مقدمتها إزالة آثار التتريك في
اللغة والثقافة؛ وضع المؤسسون خطتهم للقيام بالمهمة، وكان منها بعض
المعالم التنظيمية التي أشرنا إليها، وشارك الأعضاء المؤازرون زملاءهم
العاملين فعربوا الدواوين، وقاموا بتدريس الموظفين العربية والإنشاء،
ووضعوا المصطلحات، وصححوا كتب المدارس وأغلاط الصحفيين، وشاركوا في تحقيق
أغراض المجمع كلها دون أي تعويض أو مكافأة. وقد أخذ الأعضاء الملازمون
(المراسلون) باستخراج الأغلاط من الجرائد وتصحيحها، ونشر المجمع في الصحف
العامة ما صحح منها، قبل قراءتها في مجموعات في مجلس المجمع لنشرها في
المجلة.
          وكان من أهم مظاهر النشاط الثقافي اللغوي الذي قام به المجمع وواكب
نهوضه بمهامه الأساسية منذ سنواته الأولى، إنشاء المجلة وإلقاء المحاضرات
التثقيفية العامة. فقد أنشأ المجمع مجلة له صدر عددها الأول في كانون
الثاني سنة 1921، وكان يسعى لإصدارها منذ انفصاله عن ديوان المعارف، ثم
قرر في جلسة بتاريخ 17 أيلول سنة 1919 أن يطلب من الحاكم العسكري
الموافقة على إصدار مجلة تبحث في مواضيع تتفرع عن أغراضه و«ينشر فيها
أعماله وأعمال أعضائه العاملين والمراسلين والشرفيين، ممن تخيرهم
ليعاونوه بعد البحث الطويل في الشام ومصر والعراق وتونس والجزائر...
و(كان) يبعث بمجلته إلى أعضائه مجاناً، وإلى أشهر المجامع والجامعات ودور
الكتب في القارات الأربع... وقد بلغ عدد من تبادلهم مجلة المجمع من هذه
المجامع والمكاتب والجامعات في أوربا (85). وبذلك زادت شهرة المجمع في
الأندية العلمية...».
     ولقد بدأت المجلة بالصدور شهرياً حتى عام 1931، ثم أصبحت تصدر كل
شهرين حتى عام 1949 ثم استقرت ربع سنوية. وتوقفت عن الصدور مرتين الأولى
من 1/5/1933 حتى 1/5/1935، لأسباب إدارية تتعلق بإعادة النظر في أوضاع
المجمع من الناحيتين الإدارية والمالية... والمرة الثانية من بداية عام
1938 حتى بداية عام 1941 بسبب نقص الموارد. كما قرر المجمع أن تفتتح
محاضراته «في قاعة المحاضرات يوم الأحد في 17 نيسان سنة 1921...، واستمر
إلقاء هذه المحاضرات مرة كل أسبوعين. فلما زاد إقبال الناس عليها أنشأ
المجمع يلقيها مرة في كل أسبوع... وشاء المجمع أن يكمل رسالته الثقافية
فبحث في إلقاء محاضرات على السيدات...؛ وبعد المذاكرة في الجلسة المنعقدة
بتاريخ 5 كانون الثاني سنة 1923 تقرر المبدأ». وقد استمرت محاضرات المجمع
هذه حتى 12/4/1946. و«أما المحاضرون فهم أعضاء المجمع الموظفون وأعضاؤه
العاملون أو من يكلفهم المجمع إلقاء المحاضرات» من رجال الثقافة واللغة
الذين آمنوا بأهمية دور المجمع وأغراضه. وكان لابد من عرض المحاضرة على
(لجنة النظر في المحاضرات والمقالات) لينظر بعض أعضائها في الموضوع،
وينظر بعض آخر في لغة المحاضرة.
         
    وواكب هذه الأنشطة العلمية اللغوية والثقافية سعيٌ حثيثٌ وذكيٌ
للتعريف بالمجمع وبأهدافه السامية في خدمة اللغة ونشر المعرفة، فأجاز «من
موازنته بعض المجيدين من الكتاب والعلماء بمقدار من المال وبابتياع كمية
من كتبهم ورسائلهم تنشيطاً لهم». وكان من بين من حصلوا على جوائز المجمع
الأمير مصطفى الشهابي والدكتور محمد أسعد طلس في عام 1944 والدكتور صلاح
الدين المنجد في عام 1949. ودعا المجمع الموسرين في البلد لمدِّ يَد
العون والمشاركة في تشجيع المجيدين من الكتاب على التأليف والتجديد. ووزع
المجمع العلمي الكتب والمجلات «على الطلاب والدارسين والباحثين، وعلى بعض
غرف القراءة التي أنشئت حديثاً خارج دمشق، منها ما كان من مطبوعاته،
ومنها مما ابتاعه أو مما أهدي إليه...» ، كما عزم على جمع التبرعات
للمجمع من الجاليات السورية في القارة الأمريكية.
          وأنجز المجمع إلى جانب قيامه بأعماله العلمية والثقافية، ترميم المدرسة
العادلية قبل أن ينتقل إليها، وأهم ما يشهد اليوم على جودة مستوى تلك
الأعمال، الخشبياتُ من أبواب ونوافذ أتقن صنعها وفق الهندسة والفنون
العربية. وتولى المجمع رعاية دار الكتب الظاهرية وإدارتها، وإنشاء دار
الآثار، وأنشأ في حلب فرعاً له تحدث عنه رئيس المجمع محمد كرد علي في
تقريره الثاني في عام 1923 والثالث في العام الذي يليه... وضُمّ المجمع
ما بين عامي 1923 و1926 إلى الجامعة، وكان من مهامه في تلك المرحلة على
الأقل، دراسة تنظيم التعليم الجامعي وتشجيع الإنتاج الأدبي... فكان له
فضل اقتراح إحداث مدرسة عليا للآداب وضَع نظامها، ووافقت حكومة الاتحاد
(السوري) على إحداثها في عام 1924. ومع ذلك كله وإضافة إليه، فقد أقام
المجمع معرضاً للصنائع الشرقية في مقره بالعادلية في حزيران سنة 1928.
         
     كان أعضاء المجمع العاملون (الموظفون) في سنواته الأولى ستة فقط،
ألفت منهم اللجنة الإدارية (مكتب المجمع)، وهم رئيس المجمع السيد محمد
كرد علي ونائبه الشيخ سعيد الكرمي وأمين سر المجمع العام السيد عز الدين
علم الدين التنوخي والشيخ عبد القادر المغربي والسيدان أنيس سلوم وديمتري
قندلفت. وفي آب 1921 حل السيد عيسى إسكندر المعلوف محل ديمتري قندلفت.
      هؤلاء والشيخ أمين سويد هم مؤسسو المجمع الثمانية. ومنهم أيضاً كان
أكثر أعضاء لجنة الترجمة وديوان المعارف نشاطاً، ويلاحظ أن أكثر منجزات
المجمع في النصف الأول من العقد الأول من حياته (1919-1924) على الأقل،
كانت من إعداد لجنة الترجمة وديوان المعارف ومن منجزاتهما، أو الأحرى هي
من منجزات المؤسسين ومَن تعاون معهم في المرحلة التحضيرية لإنشاء المجمع.
ومما تجدر ملاحظته أن أوضاع المجمع في العقد الأول من حياته، كانت كثيرة
التقلب وحملت الكثير من المفاجآت، كتوقف العمل في المجمع ما بين تشرين
الثاني من عام 1919 وأيلول من عام 1920 لأسباب إدارية ومالية، وكاضطراب
أنظمته وسرعة تعديلها وتواتره، فباقتراحٍ مثلاً من الأمير شكيب أرسلان
سار المجمع منذ عام 1921 على خطة التعريف بالعضو الجديد من قبل أحد
الأعضاء في جلسة القبول أسوة بالمجامع العلمية الأجنبية وثُبِّت هذا
التقليد فيما بعد في قانون المجمع، وكتوالي تغير تصنيف أعضائه وعدد
العاملين منهم فيه، وربطه بالجامعة في سنة 1923، ثم استقلاله عنها في
آذار سنة 1926، وربطه أيضاً إدارياً تارة برئاسة الدولة وأخرى برئيس
الوزراء. ولم يصب المجمع بعض الاستقرار إلا بعد صدور قانونه بالقرار ذي
الرقم 135 لعام 1928 الذي وردت الإشارة إليه، والذي حدد أغراضه وعدد
أعضائه العاملين وأعاد تصنيفهم، وربطه إدارياً بوزارة التربية، ونظم
كيفية انتخاب أعضائه وانتخاب رئيس المجمع وعضوين دائمين من الأعضاء
يساعدانه في تسيير شؤون المجمع. ومن أهم ما جاء فيه أيضاً:
 
˜        الاكتفاء بإشراف المجمع من الوجهة العلمية، على دور الآثار في دولة
سورية، وهذه خطوة هامة في الطريق إلى فصل دور الآثار عن المجمع.
˜        تَرْك الخيار للمجمع في الإبقاء على فرعه في حلب.
˜        تحديد عدد اجتماعات مجلس المجمع بجلسة اعتيادية واحدة سنوياً وتَرْك
الخيار لرئيس المجمع بدعوة المجلس أيضاً للاجتماع في جلسة غير اعتيادية.
˜       فرض إيداع المكتبة الوطنية (في دولة سورية) الملحقة به، ثلاثَ نسخٍ
من كل مطبوعٍ ينشر في سورية...
 
          في تلك البيئة المضطربة المتقلبة قدم المجمعيون المؤسسون وزملاؤهم
المؤازرون الإنجازات الفذة التي أشرنا إليها باختصار، على الرغم مما دار
فيها «حول المجمع في أواخر سنة 1922، وأوائل سنة 1923 من أخبار إلغائه أو
إبقائه». في تلك البيئة، المضطربة قامت في سورية أول دولة عربية مستقلة
في عصر النهضة، وقوّض تآمر الغرب بنيانها قبل أن يشتد، فاندلعت الثورات
في أرجائها وانطلقت الثورة السورية الكبرى في عام 1925، فاضطر العديد من
مؤسسي المجمع إلى الهجرة من دمشق، فعاد الشيخ سعيد الكرمي إلى عمان في
أيار من عام 1922، وهاجر عز الدين علم الدين التنوخي إلى العراق في عام
1923. ولدى اندلاع الثورة السورية في عام 1925 عاد عيسى إسكندر المعلوف
إلى لبنان واستقر في مدينة زحلة، وهاجر ديمتري قندلفت إلى لبنان أيضاً
واستقر في بيروت، وغادر الشيخ أمين سويد دمشق إلى صيدا ثم إلى جرش في
الأردن... ولم يعد إلى دمشق إلا قبل وفاته - التي كانت في عام 1936 -
بثلاث سنوات، واعتلت صحة أنيس سلوم في عام 1926 فخفَّ نشاطه. ولم يبق في
المجمع من مؤسسيه في عام 1926 سوى الأستاذ محمد كرد علي والشيخ عبد
القادر المغربي. في هذه الظروف الصعبة تابع المجمع مسيرته مع من واكب
نشأته من الأعضاء الجدد والمؤازرين والمراسلين، وممن انضم إليه إبّان ما
سميناه النفير العام للتعريب، فكان منهم جيل الريادة الثاني، في الحركة
المجمعية السورية وفي التعريب أيضاً. إلا أن أغلب الذين هجروا دمشق من
المؤسسين: الكرمي والتنوخي والمعلوف، لم يطيقوا هجرها وهجر العمل
المجمعي، ودفعهم حنينهم إليه وتشوقهم إلى خدمة العربية، إلى القيام
بمحاولات لإنشاء مجامع حيث حلوا، في الأردن والعراق ولبنان.
          فما هي أسباب هذا النجاح الباهر الذي حققه المؤسسون في العقد الأول من
حياة المجمع؟
 
          - لقد كان من أهم أسباب هذا النجاح، البيئة التي نشأ فيها المجمع وأحاطت به:
          * بيئة سادها اعتزاز الأمة بطردها المحتل، وشعور بالقوة والكرامة،
فاندفعت إلى القضاء على ما خلَّفه التتريك في اللغة والمجتمع. وأنشأت
لهذه المهمة المجمع الذي أنضج عصرُ النهضة تكوينَه ورسم صورته، فهبّ يخوض
المعركة بأعضائه وبمن آزره من المتطوعين، وهم كثر في هذه البيئة،
واستُنفرت فئات الأمة كلها لنصرة المجمع في مسعاه. منهم من وضع نفسه في
خدمته لعله يأنس فيه الكفاءة لمؤازرته في التعريب أو في التعليم أو في
تصحيح أخطاء الجرائد والكتاب... ومن الموظفين من تقدم يسأل المجمع تصحيح
ما في ديوانه من ألفاظ أو تعريبها. وشرعت الصحافة تنشر ما يراه المجمع من
تصحيح أغلاط الكتاب، وامتدت نصرة المجتمع وتشجيعه إلى البلاد العربية
المجاورة فكانت تأتي في صورة بحث أو رأي ينشر في مجلته أو نقد لبعض ما
نشر فيها، أو مجموعة من المخطوطات النفيسة يبعث بها معجب هديةً إلى
مكتبته. وحوت تقارير رئيس المجمع السنوية الخمسة الأولى عن أعمال المجمع،
في هذا العقد، الكثير مما لقيه المجمع من تقديرٍ وتشجيعٍ في بلاد الشام
والبلاد العربية كلها وفي كثير من الأقطار الأجنبية.
          * بيئة كانت القناعة فيها تسود شروط الحياة ولا ترهق مطالبُها الإنسان
والأسرة. ولم يكن المجتمع الاستهلاكي وليد ستينيات القرن الماضي - والذي
نزل بنا فيما بعد - في تصور وتقدير مستقبليات الحياة الاجتماعية
والاقتصادية في تلك الأيام.
          * بيئة كان فيها إنسان تلك الأيام عامة متعطشاً للتنعم بالكرامة والحرية
اللتين عزَّ طلبهما في وطننا قروناً، وللاستزادة من الثقافة والمعرفة
ليبني له بهما موقعاً مرموقاً في المجتمع، يرضيه ويطمئن إليه. ولم يكن
السعي لتحسين شروط الحياة يأخذ من طلاب العلم والمعرفة إلا القليل من
جهدهم وتفكيرهم.

عودة إلى قائمة المقالات

حاشية ابن عابدين
قائمة الكتب
قائمة المخطوطات
واحة الفكر والثقافة
وجهة نظر
سؤال وجواب
أحسن القول
اخترنا لكم
أخبار الدار
كلمة الشهر

في اليوم الذي لا تواجد أية متاعب، ثق تماماً أنك تمشي بالطريق الخطأ. سوامي فيفيكنادا

afool sees not the same tree that awise man sees


 
النتائج  |  تصويتات اخرى

 









اشتراك

إلغاء الاشتراك

 
-
 
 


1445 - 1429 © موقع دار الثقافة والتراث ، جميع الحقوق محفوظة
Powered by Magellan