آخر تحديث: 2024-03-14

     واحة الفكر والثقافة

نحن بحاجة اليك
انعقدت خناصر أهل العلم على كبير فضله، وكريم خصاله، ودماثة أخلاقه، وجمّ تواضعه، وحميد جُرْأته
::: المزيد

................................................................

دراسات قرآنية
إعمار بيوت الله
إصلاح ذات البَين
مكانة المرأة في الإسلام 3
مكانة المرأة في الإسلام 2
::: المزيد

................................................................

دراسات من الواقع
عُرف الصيام قديماً منذ آلاف السنين عند معظم شعوب العالم، وكان دائماً الوسيلة الطبيعية للشفاء من كثير
::: المزيد

................................................................

مقالات فكرية
خطة رمضان ( أنا والقرآن )
كيف يصوم اللسان؟
اللغة العربية والإعلام 2
تلاوة الأطفال للقرآن وسماعه تأديب وتربية وتعليم:
::: المزيد

................................................................

مقالات دعوية
من شمائل وأوصاف النبي المختار صلى الله عليه وسلم
بر الوالدين (حقوق الأولاد )
بر الوالدين 2( ولاتنهرهما )
بر الوالدين 1
::: المزيد
 

     وجهـة نظــر

خواطر شبابية
هل أنت تعامل الناس بأخلاقك ام بأخلاقهم ؟
من هو شهر رمضان ؟
أمـــــــــــــي
غزة والصحافة العربية
::: المزيد

................................................................

خواطر أنثوية
الأم
أفضل النساء
المعلِّم
همسة مؤمنة
::: المزيد

................................................................

مشكلات اجتماعية
قطيعة الرحم
في بيتنا أسير للكلمة التافهة !
15 حلا في 10 دقائق
كيف يقترب الأبوان من قلوب أبنائهم وبناتهم؟
::: المزيد

     سـؤال و جـواب

فتاوى
ظهور أحد في عمل فني يمثل شخصية سيدنا محمد
القتل
شروط الذكر
تسويق
::: المزيد

................................................................

مشكلات وحلول
احب احد من اقاربي
أرجو الرد للضرورة القصوى
ارجوكم ساعدوني انا افكر في الانتحار
أغاني تامر
::: المزيد

................................................................

تفسير الأحلام
حلم طويل
حلم غريب
حلم عن الحصان والفيل
انا تعبان
::: المزيد

................................................................

الزاوية القانونية
إبطال زواج
عقد الفرز والقسمه
الوكالة
الشهادة
::: المزيد
 

       أحسـن القـول

برنامج نور على نور الاذاعي
إعداد وتقديم :
الأستاذ الشيخ أحمد سامر القباني
والأستاذ الشيخ محمد خير الطرشان
الإرهـــاب
فريضة طلب العلم
خلق الحلم 2
خلق الحلم 1
::: المزيد

................................................................

محاضرات و نشاطات
سمك يطير
سمية في تركيا
ندوة الشباب ومشكلاتهم 2
ندوة الشباب ومشكلاتهم 1
::: المزيد
 

       اخترنــا لكـم

هل تعلم؟
هل تعلم
فوائد الليمون
فنون الذوقيات والإتيكيت الإسلامي3
فنون الذوقيات والإتيكيت الإسلامي2
::: المزيد

................................................................

قصة وعبرة
أبتي لن أعصيك... فهل لك أن ترجع لي يدي؟
أثر المعلم
المهم " كيف ننظر للابتلاء عندما يأتي ؟
كيس من البطاطا ..
::: المزيد
 

   ::    المزيد من الأخبار


الموجز في قواعد اللغة العربية

كتابٍ من صنعة متخصصٍ في علوم العربية عاش حياته لأجلها تأليفاً وتدريساً، ويدرك القارئ لهذا الكتاب تمكن المؤلف رحمه الله في هذا المجال وقدرته التي أعطت الكتاب ذوقاً فنياً عند صياغته له بمنهج مبسط واضح جامع.
::: المزيد

 

 

حسب اسم الكتاب

حسب اسم الكاتب

حسب الموضوع

dot الموجز في قواعد اللغة العربية
dot غزوة الأحزاب بين الأمس واليوم
dot الإعجاز التشريعي والعلمي في آيات الطعام والشراب في سورتي المائدة والأنعام
dot أمريكا حلم الشباب الواهم

dot حاشية ابن عابدين
dot الموجز في قواعد اللغة العربية
dot معجم أخطاء الكتّاب
dot الميسر في أصول الفقه





 

 

 

 

 

 

 

 

 


اخترنا لكم >> ما رأيك أن تعلم :

مجمع اللغة العربية بدمشق
الدكتور عبد الله واثق شهيد
الأمين العام لمجمع اللغة العربية بدمشق
4


           
إن استقرار التعليم باللغة العربية في جميع مراحله، وسياسة فرنسا التي
شجعت على تعريب التعليم العالي، كانا من أهم أسباب إحاطة المجمع والتعليم
العالي ببيئة تدعو إلى إشاعة الاطمئنان على مسيرة التعريب، ولا تستحثّ
الهممَ باستنفارها - خوفاً عليه - للقيام بقفزةٍ أو طفرةٍ فيه، كتلك التي
جاءت مع التحرر من السيطرة العثمانية وسياسة التتريك التي اتبعتها
السلطات العثمانية زمناً طويلاً. لهذه الأسباب، ولأسباب أخرى أقل أهمية
لم يشهد تعريب التعليم العالي في مطلع عهد الاستقلال طفرةً أو قفزةً يمكن
أن تذكِّر بالطفرة الأولى، التي أنجزها المجمع في العقد الأول من حياته.
           
إلا أن حاجة التعليم والثقافة والتجارة والصناعة إلى معجمات حديثة
تستوعب ألفاظ الحضارة، اشتدت بعد الاستقلال، فظهر منها في الأسواق قواميس
إنجليزية عربية، وفرنسية عربية بعيداً عن المجامع. وبقيت جهود مجمعنا
موجهة إلى صنع المعاجم المختصة، ولكنها اقتصرت فيها أيضاً على العلوم
التي كانت ممثَّلة فيه ولو بعضوٍ واحد، فولدت في المجمع معاجم مختصة في
فروع الطب والصيدلة والزراعة، وامتد  توالدها في الخمسينيات إلى العلوم
الإنسانية ("المعجم الفلسفي" للمجمعي الدكتور جميل صليبا)، إلا أن فروع
العلوم الأخرى بقيت بعيدة عن المجمع، ولم يدخل المجمع مهندس، في غير
الزراعة، إلا في أواخر المرحلة الثالثة، إذ انتخب المهندس وجيه السمان
وسمي عضواً في المجمع في عام 1968، ثم انتخب المهندس عبد الرزاق قدورة
وسمي عضواً فيه في عام 1970، وقد كنا أشرنا في دراسة سابقة إلى الآثار
السيئة لهذا التقصير على المجمع وعلى التعريب.
 
           
واشتدت الحاجة بعد استقلال إلى المعاجم المختصة أيضاً في فروع العلوم
والتقانة والتقنية، فطلبت وزارة الدفاع في عام 1959 من المجمع تقديم
العون في مشروع لوضع معجمٍ عسكريٍّ فرنسيٍّ عربيٍّ، وألّفت لجنةً من بعض
فَنِّييها، وأسندت رئاستها إلى الأمير مصطفى الشهابي، وجعلت الأستاذ عز
الدين التنوخي عضواً فيها، وكلاهما عضو في المجمع، وتلك كانت بداية خروج
صناعة المعجمات المختصة من المجمع. ثم عادت وزارة الدفاع مرة أخرى لوضع
"
المعجم الكهربائي الإلكتروني" مستعينةً بالمجمعيَّيْن الأستاذ سعيد
الأفغاني عضو مجمع القاهرة والدكتور عبد الرزاق قدورة عضو مجمع دمشق،
ونشرت هذا المعجم في عام 1975. وهكذا خرجت صناعة المعجمات المختصة من
المجمع تدريجيّاً وعلى الوجه الذي كنّا بينّاه في دراسة سابقة أشرنا
إليها قبل قليل. لقد كان بوسع المجمع القيام بهذه المشروعات والاحتفاظ
بصناعة المعجمات المختصة في حوزته مستفيداً مما يُجمِّع في صناعتها من
الخبرات لتحسين وإجادة تطويرها. أما الخبرات التي اكتسبها بعض العاملين
في الجهات الأخرى التي أنجزت معجمات مختصة، بالتعاون مع مجمعيين أو مع
غيرهم فمصيرها النسيان والضياع، إذ لم يكن من مهامهم جمع تلك الخبرات
وحفظها. لقد كان بإمكان المجمع المبادرة إلى صناعة مختلف أنواع المعجمات
المختصة، مستعيناً بتوزيع اختصاصات أعضائه وبالخبراء في مختلف فروع العلم
والتقانة والتقنية، وتكوين خبرة ثمينة ونادرة ذخراً له وللعربية.
           
مع انتهاء المرحلة الثالثة خرجت صناعة المعجمات المختصة من المجمع،
وشارك بعض أعضائه في وضع بعض المعجمات المختصة أو في نقلها إلى العربية
أو في المشورة اللغوية في هذه الأعمال. ووضع بعض أعضاء هيئة التدريس في
كليتي العلوم في عام 1983 والآداب في عام 1985 معاجم مختصة بمنأى عن
المجمع، كمعجم "الرياضيات المعاصرة" (للأساتذة صلاح أحمد وموفق دعبول
وإلهام حمصي) و"معجم علم النفس" (للأستاذ فاخر عاقل)، وتوالت الاتحادات
العلمية والنقابية ومكتب تنسيق التعريب ودور النشر الخاصة هذه المهمة.
           
لم يكن للمجمع في الربع الأخير من القرن الماضي مشروعات كبيرة يخدم
تنفيذُها بعضَ أغراضه الأساسية، كوضع المصطلحات العلمية في التعليم
العالي، أو توحيد ما تستعمله جامعاتنا منها، أو وضع معجمات للمعاني
يستوحى تصنيفها من حاجات المجمع إلى المعجمات المختصة في العلوم، تخصص
فيها فصول لكلٍّ من الحرارة والصوت واللون والحركة...، أو كتيسير تعليم
وتعلُّم اللغة العربية، أو توحيد قواعد الإملاء، أو غير ذلك مما تُستقرأ
أهميته من بين أغراض المجمع. وقد أحيا بعضَ الأمل في إصلاح توجه المجمع
في مسيرته، اعتمادُه في العقد الأخير من القرن الماضي إقامة ندواتٍ في
هذا المنحى، خُصصت كل منها لمعالجة أحد الموضوعات المتصلة بأغراضه
الأساسية، فكان منها: اللغة العربية والإعلام، واللغة العربية
والتعليم... إلا أن أهداف ندوات في مثل هذه الموضوعات الأساسية تكون
بعيدة المنال، لا يتحقق الوصول إليها بندوة وحيدة تعدّ دراساتها في أشهر
قليلة أو أسابيع. إن مثل هذه الموضوعات، لا يتحقق الوصول إلى أهدافها
غالباً إلا  في مجموعة من الندوات تتدرج أهدافها المرحلية مقتربة
باطِّراد من الهدف الأساسي البعيد المستهدف. والمجمع كان بعيداً عن
اعتماده التخطيط والخطط بالمعنى المذكور، خاصةً في الربع الأخير من القرن
الماضي. وإن وردت كلمة خطةٍ في تقارير المجمع السنوية فإن ورودها لم يكن
أكثر من تعبيرٍ عن مجموعة الأماني التي تمنت اللجان اعتمادها في عام
مقبلٍ دون النظر غالباً في علاقتها بمثيلتها في عام سابقٍ، أو في مدى
توفر الطاقات البشرية والمالية لتنفيذها. لذلك أيضاً كانت التوصيات التي
تقر في ندوةٍ تبقى حبيسة الأوراق التي سجلت عليها، أو محفوظة في مطبوعات
المجمع، ذلك لأن المجمع كان ينهي مهمته في كل ندوةٍ بوضع التوصيات، ثم
رأى ضرورة السعي لمتابعة تنفيذها لدى أصحاب القرار وصانعيه في الوزارات
المعنيّة، إلا أن نتائج مسعاه كانت مخيبة للآمال، وتلك كانت نتائج منتظرة
لأن نجاح أي ندوة أو خطةٍ مستبعد إذا ما وضعت أو نفِّذت بمعزلٍ عن
المعنيين بها. ولابد من التعاون مع أولئك المعنيين في تحديد توجّه
الندوة، وتشجيعهم على المشاركة فيها بدراسات يعدّونها، فإن لم يكن فبما
يدور فيها من مناقشات، وفي اقتراح ما يرونه مفيداً من التوصيات القليلة
العدد التي لا يصعب تنفيذها. وإن إعداد دراساتٍ وبحوثٍ، لما يراد له
النجاح من مثل هذه الندوات، يحتاج إلى وقت كاف يصبح معه الإعلان عن
الندوة قبل سنة أو أكثر من موعد انعقادها ضروريّاً، ويستحسن أن يكلَّف
بعض الباحثين تقديم البحوث الهامة في موضوع الندوة، أو أن يُعلن عن تخصيص
جوائز المجمع التشجيعية لأحسن البحوث المقدمة فيها. أما ندوات المجمع
التي أقامها في العقد الأخير من القرن، فإنها لم تستوف أيّاً من الشروط
المذكورة، ولم تكن بينها روابط توحي بتوجُّه ثابتٍ لمتابعة معالجة بعض
قضايا اللغة كما حددتها أغراض المجمع، ووفق منهج مدروسٍ ورؤيةٍ رُسمت
خطوطها الكبرى على الأقل. لقد خلت أعمال المجمع في أواخر القرن الماضي
إذاً من المشروعات التي لها أهداف محددة، كمشروع إزالة آثار التتريك
ومشروع نقل معجم "كليرفيل" إلى العربية، وخلت من مشروعات المعجمات
المختصة. أما مشروع المحاضرات التثقيفية فلا يدخل ضمن مفهوم المشروعات
المذكورة إذ ليس له هدف محدد ينتهي المشروع بالوصول إليه، فهو من أنشطة
المجمع وليس من مشروعاته التي لها هدف محدد الأغراض والمدة الزمنية،
وتوقُّفه في عام 1946 لا علاقة له بهدف حُدد من قبل. وليست المجلة في
وضعها الحالي مشروعاً بهذا المعنى، إلا أن بالإمكان صنع مشروع بعيد الأمد
تحدِّد أهدافَه المرحلية خطةٌ بعيدة الأمد تصوِّر مراحل تطوير المجلة
محتوىً وتوجهاً وإخراجاً وتوزيعاً. وخلوُّ المجمع من المشروعات يبقي
إنتاجه شتاتاً يصعب ويندر استخلاص أعمال مميزة منه.
           
لقد تطورت البيئة الاجتماعية والاقتصادية، والثقافية المحيطة بالمجمع
تطوراً كبيراً ما بين أيام المجمع الأولى وأواخر القرن.
           
أما البيئة الاجتماعية الاقتصادية، فقد تدرَّجت مطالب المعيشة في
الارتفاع باطّراد، وازدادت قسوةً وإرهاقاً للناس. وعلى الرغم من أن
القناعة كان تسود البيئة الاجتماعية إبان إنشاء المجمع، وأن المثقفين
كانوا يتطوعون لأداء ما يكلفهم المجمع عمله، فإن الأعضاء العاملين
(
الموظفين) كانوا كما يذكر كرد علي، أعضاء في مجلس المعارف الذي انقلب
إلى مجمع علمي «و(كانوا) يصرحون بأني إذا لم أقبل بالبقاء (رئيساً لمجلس
المعارف) فالحكومة تصرفهم من الخدمة فأكون السبب في قطع أرزاقهم وهم
أرباب عيال». فمعيشة المجمعيين كان صعبة قاسيةً منذ تلك الأيام وازدادت
قسوةً وزادت مطالبها إرهاقاً للناس، وتغير قانون المجمع في القرن الماضي
عدة مرات، وصحب التغيرات محاولات لتحسين المكافآت المالية على الدراسات
والأعمال، إلا أن اتساق وضع المجمع مع البيئة الاجتماعية الاقتصادية
المحيطة به كان يزداد اضطراباً مع المستجد من القوانين، حتى أضحت النظم
الإدارية والمالية للمجمع في أواخر القرن غريبةً عما كان يسود البيئة
الاقتصادية الاجتماعية من تلك النظم. يُروى عن أحد الأعضاء في الربع
الأخير من القرن الماضي قوله: «إن تعويض حضور جلسات المجلس كان يمكنني من
الذهاب لحضور الجلسة، أما العودة من المجمع إلى المنزل فعليَّ أن أتدبر
أمرها! وتقع المكافأة على العمل العلمي في منزلة مالية كمنزلة حضور
الجلسات. فهل بإمكان من استنفدت مطالبُ المعيشة المطَّردة الارتفاع
طاقاته أن يشارك في تنظيم مشروع رئيسي أو في تنفيذه؟ لا شك أن مطالب
المعيشة لم ترهق جميع أعضاء المجمع دفعةً واحدةٌ، لاختلاف أوضاعهم
المادية، ولكن نسبة من أرهقته منهم أخذت ترتفع مع تقدم الزمن، حتى شملتهم
جميعاً أو كادت في الربع الأخير من القرن».
           
في هذه البيئة، التي تدعو من جهة إلى إشاعة الطمأنينة على مسيرة
التعريب، ولا تستنفر الهمم خوفاً عليه، والتي أرهقت فيها مطالب المعيشة
من جهة أخرى أعضاء المجمع، لا يُنتظر أن ينجز المجمع أعمالاً تضاهي ما
أنجزه منها في العقد الأول من حياته، ولا أن يفكر في اعتماد مشروعات
أساسية كتلك التي مرّ ذكرها.
           
أما البيئة الثقافية فقد تطورت أيضاً تطوراً كبيراً، فمنذ عقد
الأربعينيات زاد عدد النوادي والجمعيات الثقافية، وانتزعت جامعة دمشق
بكلياتها الجديدة في أواخر هذا العقد دور المجمع في تنظيم المحاضرات
التثقيفية، فتوقف برنامج تلك المحاضرات. ثم حلت بعد عقدٍ وبعض العقد من
الزمن وزارة الثقافة محل المجمع في تنفيذ طموحاته الثقافية كلّها، فأسست
المراكز الثقافية، ثم أُنشئت هيئة مهمتها وضع موسوعة (مَعلمةٍ) عربية كان
إنشاؤها حلم مؤسس المجمع، وألحقت برئاسة الجمهورية تعبيراً عن أهمية
المشروع في الدولة...
           
وفي هذه البيئة تراجع التعليم أيضاً، وهو لا يزال يتقهقر، فلم نعد نجد
في أواخر القرن، في كلية الطب، أمثال الطالب مختار هاشم، الذي كان ينشر،
في عام 1935، على صفحات مجلة "المعهد الطبي العربي"، ما يضع من مصطلحات
في الطب، وما يراه في بعض ما نُشر من مصطلحات مجمع فؤاد الأول (مجمع
القاهرة)، ولا تزال بعض المصطلحات التي وضعها معتمدةً في أيامنا هذه. ولم
نعد نجد فيها من الطلاب أمثال عبد السلام العجيلي الذي وضع مقاماته وهو
طالب في الكلية.
           
أسس محمد كرد علي المجمع في عام 1919 وهو في الثالثة والأربعين من العمر
وكان معه، عضواً فيه وفي مثل سنّه، عبد القادر الْمُبارك وفارس الخوري.
أما عز الدين علم الدين التنوخي، وهو من المؤسسين، فلم يكن قد تجاوز
الثلاثين من العمر، وكان أزهريّاً تخرج في الزراعة من مدرسة عليا في
فرنسا. وفي مثل سنّه أيضاً كان مرشد خاطر عضواً في المجمع إبان تأسيسه.
وظل المجمع في عقد العشرينيات يُرفد بأعضاء في مقتبل العمر، كان منهم
الشيخ بهجة البيطار في التاسعة والعشرين وخليل مردم في الثلاثين والأمير
مصطفى الشهابي في الثالثة والثلاثين، وكانوا جميعاً من ذوي الشأن في
المجمع. إلا أن قانون المجمع ذا الرقم 60/ آ. س الصادر في عام 1943 جعل
سنّ الخامسة والثلاثين حداً أدنى لسن المرشح لعضوية المجمع، ولعلهم أخذوا
بهذا الشرط قبل صدور القانون، إذ لا نجد بين الأعضاء الذين انتخبوا بعد
صدور أول قانون للمجمع (القرار ذو الرقم 135 الصادر في عام 1928) من كان
لدى انتخابه عضواً عاملاً دون الخامسة والثلاثين. ونلاحظ أن متوسط عمر
العضو العامل عند انتخابه قد ارتفع بعد سنة خمس وثلاثين وتسعمئة وألف إلى
الثامنة والأربعين ثم راوح ما بينها وبين السادسة والأربعين حتى منتصف
الستينيات من القرن الماضي (ينظر الشكل رقم 1)، ثم أخذ يرتفع بشدة ودون
توقف حتى قارب في أيامنا هذه السبعين. لذلك كان متوسط عمر العضو العامل
في المجمع في ارتفاع مستمرٍ وشديدٍ في بعض الفترات من عمر المجمع، وقد
جاوز الخامسة والسبعين أيضاً في أيامنا هذه! (ينظر الشكل رقم 2):
 
           
يطرح علينا هذا الواقع أسئلة عديدة مختلفة أهمها، ما هي أسباب هذا
الارتفاع وما هي انعكاساته أو ارتداده على مقدرة المجمع على القيام
بمهامه؟
           
أما أسبابه فأهمها انخفاض مستوى التعليم الذي رافق اتساعَ رقعته اتساعاً
تضاءل أمامه ما خُصص له من طاقات. وأهم مظاهر انخفاض مستواه، انخفاض
مستوى ثقافة جمهرة المتعلمين. والثقافة شديدة الارتباط باللغة، فاللغة
حامل الثقافة، توسِّع آفاقها وتزيِّن محتواها وتبدع تميّزها وتصور
هويتها. وإن التنمية اللغوية والترقية الثقافية هما في تفاعل مستمر،
تَقدُّم كل منهما سبب في تقدم الأخرى، وتعثر أي منهما يسبب تراجع الأخرى.
وهذا يعني أن انخفاض مستوى التعليم يرافقه انخفاضٌ في مستوى التنمية
اللغوية وتخلفٌ في المعرفة اللغوية. ورافق ذلك كله إرهاق متطلبات المعيشة
الناسَ ومنهم المتعلمون، فانصرفوا إلى تأمينها، فأُهملت الترقية
الثقافية، وتخلفت المعرفة اللغوية لدى جمهرة المتعلمين، لذلك كان ارتقاء
غير اللغويين من جمهرة المتعلمين، إلى مستوى مقبولٍ في اللغة العربية
يتطلب مثابرة على الإعداد زمناً طويلاً يزداد طولاً باطِّراد مع انخفاض
مستوى التعليم. وهؤلاء هم من الذين توجههم طبيعة العمل الذي يمارسونه
وطلب النجاح فيه إلى العناية بلغتهم، وقد يصبح بعضهم لغويّاً. إلا أننا
نجد بين اللغويين من استحوذت عليه اللغة العربية مذ كان يافعاً، وأولئك
هم الذين أشرنا إليهم من قبل، تتجاذبهم الجامعات العربية فيقضون سنوات
العطاء من عمرهم خارج الوطن، ولا يعود إليه جُلُّهم إلا وهم على مشارف
السبعينيات من العمر.
           
وأما انعكاسات استمرار ارتفاع متوسط عمر العضو العامل عند انتخابه على
قدرات المجمع، فهي تراجع تلك القدرات بسبب تراجع قدرات الناس كلما تقدموا
في العمر إلى ما بعد الأربعينيات أو الخمسينيات منه على أبعد تقدير.
           
كان استمرار ارتفاع متوسط عمر المنتخب عضواً في المجمع، وجمود نظمه
الإدارية وتخلفها، أهم المشكلات التي واجهها وتصدى لمعالجتها في أواخر
القرن العشرين. كانت المحاولة الأولى لمعالجة الوضع المتأزم تطوير نظم
المجمع، قانونه ولائحته الداخلية ونظامه الداخلي، وبدئ بتطوير القانون،
وصيغت المقترحات في قانون جديد، ارتفع فيه عدد أعضاء المجمع من عشرين إلى
خمسة  وعشرين عضواً لتحسين تمثيل فروع العلوم المتزايدة المختلفة فيه.
وجُعل فيه للمجمع مؤتمرٌ سنويٌ يستعرض فيه، في "تقرير سنويٍّ" ما قام به
في سنة مضت من الأعمال، وفي "خطته العلمية" ما سيقوم به في العام المقبل،
ويُناقش التقرير والخطة في جلسات مفتوحة يُستمع فيها إلى آراء العلماء
المدعوين. وأحدث القانون هيئةً فنيّةً في المجمع على غرار مثيلاتها في
الجامعات، تحتضن بذور البحث العلمي اللغوي، وينمّي فيها المجمعُ بحوث
المشكلات التي يعالجها. وفتح القانون باب التعاون مع الجامعات في بحوثه
فأجاز تفرغ أعضاء هيئة التدريس فيها للبحث العلمي في المجمع، كما أجاز في
هذا التعاون الإشراف المشترك على بحوث إعداد الشهادات العليا في مختلف
فروع اللغة العربية، وفي علاقاتها بالمعلوماتية، فأتاح للمجمع تكليف
العاملين المختصين فيه من المجازين في اللغة العربية، أو من أعضاء الهيئة
الفنيّة في اللغة العربية أو المعلوماتية، وتكليف طلاب الدراسات العليا
من خارج المجمع إعداد شهادات (دبلومات) عليا في مواضيع يقترحها المجمع
تكون جزءاً من خططه العلمية التي يضعها لخدمة بعض من أغراضه المحددة.
           
وأجاز القانون لمجلس المجمع تأليف ما يراه من اللجان الدائمة والوقتية
لدراسة الموضوعات التي يحددها لها، والاستعانة فيها بالخبراء وجعَل قواعد
منح المكافآت على الأعمال العلمية وعلى حضور جلسات المجلس والمكتب
واللجان مستثناةً من الحدود القصوى المنصوص عليها في القوانين، وتصدر
بقرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على اقتراح المجمع، وأحال على اللائحة
الداخلية وضع الأحكام التفصيلية. وحدد القانون التعويض الشهري لعضو
المجلس فأنهى بذلك تلكؤ السلطات الحكومية (في التعليم وفي المالية) زهاء
نصف قرن في تحديد هذا التعويض، الذي كانت اللوائح الداخلية أو ما يقوم
مقامها قد أشارت إليه. واستُكمل انفراج الأزمة التي كانت مستحكمة في جمود
الأنظمة بتطوير اللائحة الداخلية، فتوسع المجمع في تأليف اللجان الدائمة
وفي أحكام تأليفها ومشاركة الخبراء فيها.
           
شرع المجمع في تطبيق قانونه الجديد ذي الرقم 38 الصادر في 6/6/2000،
فعدّل اللائحة الداخلية تنفيذاً لأحكامه ولتتسق أحكامها مع أحكامه، وصدرت
اللائحة الجديدة برقم 2/ت.ع بتاريخ 15/1/2002، ثم أعاد المجمع تأليف
اللجان كما وردت في القانون ولائحته الداخلية. وبدت تباشير النشاط في
المجمع في لجان المصطلحات العلمية، التي كانت من قبل لجنة واحدة تبحث في
جميع مصطلحات العلوم والآداب والاقتصاد والمجتمع! فأربت اللجان الدائمة
لمصطلحات العلوم والتقانة، في اللائحة الجديدة، على خمس لجان، تنسق
أعمالها (وأعمال لجان المصطلح الأخرى) لجنةُ تنسيق المصطلح. وقد أنهت
لجنة توحيد مصطلحات الفيزياء المرحلة الأولى من معجم مصطلحات الفيزياء
الموحدة، ونوقشت حصيلتها مع منتدبي الجامعات، كما نوقشت مصطلحات هذا
المعجم في لجنة تنسيق المصطلح. وصدرت الطبعة التجريبية الثلاثية اللغات
(
العربية والإنجليزية والفرنسية) وحوت الأصول اليونانية واللاتينية (وبعض
العربية والإسبانية) للمصطلحات، وتعمل اللجنة على وضع تعريفات مختصرة
للمصطلحات ستصدر في طبعةٍ لاحقة. وتقوم لجان المصطلح الأخرى بتوحيد
مصطلحات العلوم الطبيعية (علوم الحيوان والنبات والجيولوجيا) والزراعية،
وبوضع معجم لألفاظ الحضارة المعاصرة...
           
وعلى ما يبدو من تطبيق أحكام القانون الجديد، فإن معالجة الكثير من
المشكلات التي كانت سبباً في تعثر نشاط المجمع في أواخر القرن الماضي،
أصبحت ممكنة. ولا يلوح في آفاق المجمع من المشكلات المستعصية سوى مشكلة
استمرار ارتفاع متوسط عمر الأعضاء عند انتخابهم، وما يمكن أن يتعذّر معها
على المجمع تحقيقه من تطوير أساليب عمله، وقد تفاجئنا بعد معالجتها أو في
أثنائها مشكلاتٌ أخرى كان اهتمامنا منصرفاً عنها.
           
كانت المحاولة الأولى لمعالجة هذا الوضع المتأزم، اشتراط الخامسة
والخمسين حدّاً أعلى لعمر المرشح لعضوية المجمع، فأخفق المجمع في إيجاد
مرشحين يتوفر فيهم هذا الشرط في العلوم الطبيعية والهندسة الميكانيكية
واللسانيات، ولم يُجْدِ رفع الحد الأعلى للسن إلى الستين !
           
فما هي مؤهلات مجمعٍ تجاوز متوسط عمر العضو العامل فيه الخامسة
والسبعين؟ لا شك أن خبرات أعضاء مثل هذا المجمع في الشؤون التي تثيرها
أغراضه أصبحت كبيرة، نَمّتها التجارب الكثيرة التي عانوها، فجعلت مقدرته
على تقديم المشورة فيما يعرض عليه كبيرة أيضاً وقيِّمة، وأهَّلته للقيام
بتنفيذ مشروعات كبيرة مستعيناً بالخبراء.. إلا أن نصيب الإبداع قليلٌ
فيما يقدِّم من حلول للمسائل المعقدة فيها، التي تحتاج معالجتها إلى
اقتران الخبرة بالإبداع. وقد عانى كرد علي منذ بداية تأسيس المجمع عدم
اتساق أعمار زملائه في المجمع أو أجيالهم فذكّر في التقرير السادس عن
أعمال المجمع بأن «... المجمع يستفيد من أكثر أعضائه إلا من بلغوا من
السنّ عتيّا، فإنهم متقاعسون عن خدمته على غير إرادتهم...» ، وهو في هذا
التقرير الذي يطّلع عليه الأعضاء، أشار إلى الأعضاء المراسلين. إلا أنه
في مذكراته عرّض بكبار السنّ من الأعضاء العاملين صراحةً، فقال: «وبدأت
رئيساً على جماعة من الشيوخ...» ، وكان أغلبهم شيوخاً كبار السن.
           
يجب أن يكون إذاً إعادة متوسط أعمار أعضاء المجمع إلى أقصى حدود الكهولة
كبراً، هدفاً هاماً من أهداف مشروعٍ جديدٍ لإصلاح أوضاع المجمع وإعادة
تأهيله للقيام بتحقيق أغراضه بيسر.
           
هذا الواقع هو العقبة الكأداء أمام كل سبل تمكين المجمع من القيام
بمهامه الأساسية، وهو أيضاً سبب في نشوء عقبات أخرى تحول دون تطوير وسائل
عمله. ولقد استعصى تذليل هذه العقبة باشتراط حدٍّ أعلى لسنّ المرشح لدى
البحث عن مرشحين في اختصاصات علمية أساسية وتطبيقية (العلوم الطبيعية
والزراعة والهندسة) ولغوية أيضاً (اللسانيات). ويدعونا ذلك إلى محاولة
إعداد بيئة مواتية لتنشئة مجمعيين، يسهر المجمع على إعدادها، وإعدادهم
فيها ضمن أنشطة معالجة الموضوعات التي تحقق معالجتها أغراضه. أما هذه
الموضوعات فشديدة التنوع، لأن المجمع معنيٌّ بجميع الموضوعات التي تطرح
عليه مما يتعلق بترقية اللغة العربية، ما هو منها طارئ وقتيٌّ له غالباً
صفة الاستعجال في معالجته، وما هو قديم استعصى تيسير معالجته زمناً
طويلاً، ويقع بينهما طيف عريض من الموضوعات، كتطوير وضع المصطلح ضمن
مفاهيم وقواعد المصطلحية، وتطوير معجم المعاني، على الوجه الذي أشرنا
إليه سابقاً، باعتماد علم المعجمات أو المعجمية... هذه موضوعات كبيرة
الأهمية، وعلى مجمعنا أن يسهم فيها، وأن يضعها في مقدمة مشروعاته ومهامه،
وهي مترابطة متكاملة. وقد نالت من المعجميين عناية خاصة، فقد تعلقت من
قَبْل همة المستشرق ماسينيون، عضو مجمع القاهرة خاصة بوضع معاجم عربية
مختصة وعلمية حتى تتمكن اللغة العربية من التعبير عن العلوم العصرية
«
لأنه كان يؤمن أن ذلك هو غاية المجمع الأساسية». ويذكر إبراهيم مدكور أن
مجمع القاهرة كان «يقف نحو 70 % من نشاطه على جمع المصطلحات ومناقشاتها
وإقرارها».
           
ومثال الوقتي الطارئ من المواضيع، إصلاح لغة الدواوين وتصحيح لغة الكتب
المدرسية، وقد تصدى له مجمع دمشق إبّان إنشائه وأنجزه في العقد الأول من
حياته بنجاحٍ باهرٍ كما رأينا، وتصدى لمثله في مصر مجمع القاهرة فكُلِّف
مراجعة بعض كتب التعليم الثانوي التي يعاد طبعها سنويّاً. وستبقى معالجة
مثل هذه الموضوعات في مكنة المجمع دائماً، إلا أن البيئة التي تنشأ فيها
ليست البيئة المواتية لتنشئة مجمعيين، أي ليست البيئة التي نحن بصدد
البحث عنها، لأن العمل في مثل هذه الموضوعات لا يتطلب بالضرورة من
العاملين جهداً يبذل في بحثٍ معمَّقٍ مؤهِّلٍ للإبداع. أما المسائل
الأساسية، وهي التي استعصى حلها في القرن الماضي على الأقل، كمسألة تيسير
النحو العربي، الذي لم تجدِ في تيسيره على الوجه المطلوب، دراساتٌ عديدةٌ
في كثير من المجامع العربية وخارجها، فلابد من التصدي لها، ولمثيلاتها من
المسائل (أو الموضوعات)، من اعتماد منهجية البحث العلمي، في خطة بحث
علميٍّ لغويٍّ عميقٍ ومديدٍ في مجال الموضوع، وفيما يمكن أن تدعو الضرورة
إليه مما حوله، وقد يتوسع مجاله فيتوزع على محاور أو وحدات ينتظم عملها
في مشروعات بحوث دبلومات دراسات عليا، يمكن أن يساهم بعض أعضاء المجمع
الحاليين في تحديدها، وأن يشاركوا في الإشراف عليها. في هذه البيئة، وفي
بحوثها يمكن أن تنشأ وتنمو على محاورها وفي وحداتها نوى حلول المسائل
الأساسية وما استعصى تيسير معالجته من الموضوعات المعقدة. إنها البيئة
المنشودة المواتية لتنشئة مجمعيين مبدعين في سنٍّ مبكرة نسبيّاً، يختارون
بعناية من بين المجازين الشباب، لإعداد دبلومات دراسات عليا يحدِّد
المجمع أنواع اختصاصاتها وينظمها بالتعاون مع الجامعات. إن متابعة إعداد
هذه النخبة من المجازين متابعةً حثيثةً، كفيلة بتطوير البيئة العلمية
تدريجيّاً في المجمع، وبدخول بعض من خيرة الباحثين الذين تكوّنوا فيه
أعضاء عاملين. ولا يعني إتباع هذا الأسلوب قصرَ عضوية المجمع عليهم ولكنه
سيخفف من حدة ارتفاع متوسط عمر الأعضاء ويسعى به إلى الانخفاض. كما لا
يعني ما نقترحه الادّعاء بأنه هو الطريقة المثلى، فنحن جميعاً نعلم أن
الحل الصحيح هو في إصلاح التعليم قبل الجامعي. لذلك فإن ما نقترحه ليس
أكثر من ترميم الإعداد اللغوي في نطاق المجمع لفئة مختارة، وفي غياب
إصلاح تعليم العربية في التعليم قبل الجامعي.
           
ولا يمكن أن يتحقق انجذاب خيرة المجازين للعمل في المجمع وفق هذا
المنهج، واستقرارهم فيه بعد إعدادهم علميّاً في التخصصات التي يخطط لها
المجمع، إلا بإحاطتهم برعاية معنوية ومادية كالتي يتمتع بها أقرانهم في
الجامعات ومراكز البحوث، والتي يمكن تحقيقها في المجمع بإحداث هيئة للبحث
العلمي على غرار مثيلاتها في مراكز البحوث التي اتسقت أحكام تنظيمها مع
الأحكام الناظمة لهيئة التدريس في الجامعات.
           
هذه هي أهم ملامح التطوير المستقبلي لقانون المجمع وأساليب عمله، إنه
يفسح المجال لنشوء هيئة متجددة الحيوية من الباحثين الأكفاء في جميع شؤون
ترقية اللغة العربية، وفي بيئة يمارس فيها البحث العلمي اللغوي وفق
الأنظمة والأساليب السائدة في فعاليات البحث العلمي، التي ستؤهل بعضهم
للرقيِّ بجدارة لعضوية المجمع. وإن هذا التطوير هو استكمال للتطوير الذي
بدأناه مع بداية هذا القرن، إنه ينقل المجمع من مؤسسة تحكمها خبرة أفراد
في وضعه الحالي إلى وضع جديد يصبح فيه مؤسسة بحوث لغوية خبيرة. ولقد
أشرنا من قبل إلى أن بعض المجامع في ألمانيا وروسيا وبلدان الاتحاد
السوفيتي سابقاً وغيرها نَحَتْ هذا النحو. ويذكرنا الجدل الذي نشأ في
المجمع حول مشروع المحاضرات في ربيع عام 1921 بأن التوجه بالمجمع ليكون
مركز بحث لغويٍّ كان قائماً في أذهان الكثيرين، وبأن فئةً كانت «لا ترى
أن تكون المحاضرات من وظائف المجمع لأنه مركز للأبحاث اللغوية والأدبية
الخاصة...».
           
ولا يغيب عن أذهاننا أن البحث في المجامع مغاير للبحث الجامعي من حيث
الأسلوب والهدف. فهو في المجامع له وجه تطبيقي ملزم، نلمسه بوضوح في قيام
المجامع لتصحيح الكتب المدرسية وإصلاح لغة الدواوين وأغلاط الكتَّاب، أما
في الجامعات فلا يقيده هذا الالتزام. وقد نعود في دراسة أخرى إلى مقارنة
أوسع بين البحوث في المجامع ومراكز البحوث عامةً والبحوث في الجامعات من
جهة، وبين المجامع التي تقوم بالبحث العلمي واللغوي وتنظمه والمجامع التي
لا تزاوله على هذا الوجه من التنظيم والاحتراف من جهة أخرى، والتي تبقى
أقرب إلى فكرة المجامع اللغوية الألصق بالماضي منها بالحاضر، «وأقرب إلى
القرن السابع عشر منها إلى القرن العشرين».
 
انـتـهـى

 

عودة إلى قائمة المقالات

حاشية ابن عابدين
قائمة الكتب
قائمة المخطوطات
واحة الفكر والثقافة
وجهة نظر
سؤال وجواب
أحسن القول
اخترنا لكم
أخبار الدار
كلمة الشهر

العلوم في أهدافها ثلاثة : فعلم للدار الآخرة ، فإن صحبته النية الخالصة نجى من النار ، وعلم للدنيا ، فإن صحبته العزيمة الصادقة ، نجى من الفقر ، وعلم للهو ، ففيه المهانة في الدنيا والهلاك في الآخرة .

Your thoughts guide you to your destiny. If you always think the same you will always get to the same place. Think in a new way and you will be a new person


 
النتائج  |  تصويتات اخرى

 









اشتراك

إلغاء الاشتراك

 
-
 
 


1445 - 1429 © موقع دار الثقافة والتراث ، جميع الحقوق محفوظة
Powered by Magellan