واحة الفكر والثقافة
>>
مقالات دعوية :
رعاية الإسلام للروابط الاجتماعية :
بر الوالدين (حقوق الأولاد )
من الملاحظ أن توصية الآباء بالأبناء قليلة إذا ماقورنت توصية الأبناء بالآباء . وعلى الرغم مما تعانيه الأم من آلام الحمل و الوضع , ثم تأتي مرحلة الإرضاع والعناية , حيث تعطي الأم خلاصة غذائها لبناً سائغاً , وعصارة قلبها وأعصابها حباً ورعاية , لا تمل ولا تكل , ولا تكره ولاتضجر , بل تؤدي واجبها فرحة سعيدة سعادة غامرة , وغاية ماتتطلع إليه من الجزاء أن تراه يسلم و ينمو.
وعلى الرَّغم من عظمة هذا العطاء , نجد ظاهرة العقوق لاتزال متفشية في كثير من الأسر والمجتمعات , حيث يقابل الإحسان فيها بالإساءة , والمعروف بالمنكر , والفضل بالجحود .
وبشي من الدراسة و التعمق والتحايل لأسباب هذا العقوق نجد للوالدين سبباً مباشراً أو غير مباشر في سبب تكوُّنه بل زرعه في نفوس الأولاد ؛ إما بشكل عفوي تقليدي , وإما عن قصد وتعمد , ومن هذه الأسباب :
1- معاملة الآباء لأبنائهم بالأسلوب التقليدي الذي عوملوا به من قبل آبائهم , مدفوعين به بدافع التقليد الأعمى , ومهملين بل متجاهلين لدور المرونة الفكرية , الذَّي تتطلبه عملية التطوير و التغيير , الذي يطرأ على المجتمعات والعلاقات الاجتماعية بمرور الأيام .
2- مخالفة الأبوان القواعد التربوية التي تشكل كبرى الدعامات لنشأة الأولاد نشأة سوية و سليمة ومن الأمثلة على ذلك التفريق في المعاملة بين صغيرهم وكبيرهم وذكرهم وأنثاهم وعدم التسوية بينهم في الحقوق والواجبات و العواطف والمشاعر . فيكون مثل هذا السلوك الخاطئ سبباً في عقوق الأبناء لآبائهم من جهة وفقدان روح المحبة و التعاون فيما بين الأبناء أنفسهم من جهة أخرى .
3- قد يتصف بعض الآباء بالقسوة الشديدة على أبناءهم ويتعمدون إهانتهم و تحقيرهم مما يؤدي إلى إصابتهم بالأمراض النفسية و الاضطرابات السلوكية والشخصية .
4- سيطرة الفكر المادي على العلاقة بين الأب والابن , وذلك حين بنظر الأب إلى أولاده على أنهم أفواه تلتهم أمواله وتحرمه من التلذذ بها , وحرص الأبناء للحصول على مال أبيهم عاجلاً للتمتع به كيفما شاؤوا .
5- شعور الآباء بأن لهم ديناً على أولادهم , ومطالبتهم المتكررة لهم برد هذا الجميل وخاصة عند كبرهم وضعفهم .
إن الذرية الصالحة هي أمل العبد الصالح , لذا عليه أن يتجه إلى الله تعالى يدعو أن يعينه لينهض بواجب الشكر , وأن يرشده إلى صالح العمل وأن يصلح له ذريته , وأن يؤنس في قلبه الشعور بأن في نسله من يعبد الله , وأن يقوم بأداء الأمانة فيهم على خير ما يرضي الله عزَّ و جل ورسوله الكريم , فقد روى أبو داوود في سننه : ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم أن يقولوا في التشهد : اللهم ألف بين قلوبنا , وأصلح ذات بيننا واهدنا سبل السلام , ونجنا من الظلمات إلى النور , وجنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن وبارك لنا في أسماعنا و أبصارنا وعقولنا وقلوبنا وأزواجنا وذرياتنا , وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم, واجعلنا شاكرين لنعمك مثنين بها عليك و أتمها علينا ) .
والحمد لله رب العالمين
غازي صبحي آق بيق / أبو غانم
|