واحة الفكر والثقافة
>>
مقالات
دعوية :
تابع التربية الروحية في الإسلام
التقوى
أبو غانم / صبحي آق بيق
قال تعالى ({وَلَوْ أَنّ أَهْلَ الْقُرَىَ آمَنُواْ وَاتّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مّنَ السّمَآءِ وَالأرْضِ وَلَـَكِن كَذّبُواْ فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ}الأعراف 96
هناك عوامل فعّالة غير منظورة تؤثر على رزق الإنسان سلبا ً أو إيجاباً على الرغم من تعاطيه الأسباب للكسب , ولا تتوضح معالم هذه العوامل إلا لمن ربط فؤاده بموجب الأسباب و المسبِّبات , وأدرك أنه تعالى هو وحده القادر على بسط الرزق إنعاما و تكريما ً للمحسنين , أو حجبه وتضيقه جزاء للغافلين و المكذبين .
ينصح علماء الطبيعة و البيئة بالإكثار من التشجير و المحافظة على الغابات من عبث الإنسان و يؤكدون أهمية الأشجار في ترطيب أجواء الأرض و استقطاب الغيوم إليها , وهذا يدُّل على وجود علاقة خاصَّة بين الشجر و الغيوم . و يبدو من سياق الآية الكريمة أيضا وجود علاقة بين تقوى الإنسان وورعه وبين عوامل الطبيعة في الجو , و كأنَّ الأعمال الصالحة و الاتجاه الروحي الصافي نحو حضرة الله تعالى , يستقطب الرزق من السماء و الأرض , كما يستقطب الشجر ماء المطر ويمتصُّ غذائه من الأرض .
إذن هناك علاقة خفيَّة بين الإيمان وتقوى الله من جهة , و بين الرزق الإلهي الوفير من جهة أخرى و يمكن أن يدركها أهل البصيرة و يستشفها أصحاب اليقين , كما يمكن للإنسان المؤمن أن يتلمسها من خلال تجاربه اليومية . وميزة هذه العلاقة أنها تعطي الإنسان الأمل و التفاؤل , و تدفعه إلى الدعاء و التضرع , وتزرع في قلبه الثقة بحضرة الله , و التسليم أنه الرزّاق بعد تعاطي الأسباب التي تثمر عادة المسببات المطلوبة .
فالإيمان بالله قوة دافعة دافقة تُستَمَدُّ من قوة الله عز وجل , وتعمل على تحقيق مشيئته في الأرض , بعمارتها ودفع الفساد و الفتنة عنها . و تقوى الله تعالى يقظة واعية تصون الإنسان من التَّهور و الغرور , و توجِّه الجهد البشري بعناية ليكمِّل رسالة البناء و الإعمار , وهكذا يسير الإيمان والتقوى متناسقين متلازمين في طريق الخير , فيحدث بينهما لقاء خفي يومض بأنوار البركات الربّانية , لينهمر العطاء الإلهي , وليتلاحم مع جود الأرض وكرمها و يتفتح الخير من ذلك ليعمّ البلاد و العباد .
و الحمد لله رب العالمين
|