واحة الفكر والثقافة
>>
مقالات
دعوية :
تابع التربية الروحية في الإسلام
التقوى
أبو غانم / صبحي آق بيق
قال الله تعالى {يَابَنِيَ آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلّهُمْ يَذّكّرُونَ}(الأعراف 26)
على الإنسان المؤمن الواعي أ يحذر الحملة الموجّهة لتمزيق برقع حياءه , وتهديم ركائزه الأخلاقية , و الّتي تدعوه إلى التخلي عن الأخلاق و الفضائل باسم التحرر و المدنية , وأن يحارب هذه الحملات الهادفة إلى تعطيل طاقته والسيطرة عليه , ليكون أداة طيّعة لتحقيق الفساد و الإفساد .
و قد ربط الله تعالى بين الثياب والتَّقوى . لأنَّ الأولى لباس الجسد و الثانية لباس القلب و الروح و في ذلك قال الشاعر
إذا المرء لم يلبس ثيابا ً من التُّقى تقلَّب عُريانا ً وإن كان كاسيا ً
و من الأدعية المأثورة ( اللّهم أستر عوراتنا و آمن روعاتنا ) , ولعلَّ هناك رابطا متينا ًبين العورة و القلق الذي يروِّع الإنسان و يخرجه عن اتزانه وهدوء أعصابه وتفكيره .
وهذا ما أدركه تجار الجنس وحاولوا أن يستغلوه , في محاولاتهم المستميتة , للتكسب من وراء تأجيج الغرائز الجنسية , بالأفلام الَّتي تتضمن مشاهد العري , وما أرفقوها من العنف الَذي يولد القلق وتوتر الأعصاب , في أجواء تصيب النفس العفيفة بالغثيان . ذلك أن الإنسان بشكل عام يخجل من كشف العورة , و يحاول جاهدا ً أن يسترها من أعين النّاس , ويرى في هتك الستر عنها شيئا ًمخالفا ًللآداب العامة , لذلك أتت الشريعة الإسلامية متوافقة مع المبادئ السليمة محدّدة مايباح كشفه وما يجب ستره , وتناولت ماهو أشدُّ أهمية , وهو عيوب النفس و ما يحاول الإنسان أن يخفيه منها عوضا ً من أن يعالجها بالتقوى ويتخلص منها .
وهذا الكلام يقودنا إلى التمييز يبن نوعين من العورة : العورة الجسدية , و العورة النفسية . فالأولى تكرم الله علينا بسترها فخلق لنا لباسا ً يكسوها و يحجبها , ليحفظ لنا ماء وجوهنا و يرفعنا عن مرتبة البهائم , وجعل لنا آداباً لشكره عليها , فقد كان رسول الله عليه أفضل الصلاة و أتم التسليم إذا لبس ثوبا ً جديدا قال : ( الحمد لله الذي كساني ما أوري به عورتي و أتجمَّل به بين النَّاس ) رواه أحمد وابن أبي حاتم وابن مردويه عن الإمام علي رضي الله عنه .
أما العورات النفسية فهي كل عيب من العيوب الخلقية أو الخُلقيَّة, ومن حق المسلم على أخيه المسلم أن يستر عورته , ولا يبحث عنها , فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال (لا يستر عبدا ًعبداً إلا ستره الله يوم القيامة ) متفق عليه
إن اللباس الأجمل و الأرقى الذي جعله حضرة الله لعبادةه المخلصين الَّذين حسُنت صلتهم بخالقهم , هو لباس التقوى الَّذي يؤهلهم لتلقي نور الله غز وجل حيث يفيض على الجوارح , فيظهر في عيني صاحبه الصّفاء و النقاء , وفي وجهه النور والبهاء , وفي معاملته الإخلاص و الوفاء , وفي مشيه السكينة و الوقار , و في خلقة التسامي و النبل , و في غضبه الحلم و الأناة , وفي لسانه الصدق و العدل , وفي سلوكه الصبر و السماح و في مشاعره التواضع والرحمة لذلك كان الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم يشير إلى صدره ويقول ( التقوى هاهنا التقوى هاهنا ) رواه مسلم و الترمذي .
و أجمل ثوب تكسو به التقوى صاحبها هو ثوب الحياء , الذي جاء فيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال : ( الإيمان بضع و سبعون شعبة و الحياء شعبة من الإيمان ) متفق عليه
وقوله صلى الله عليه وسلّم ( الحياء لا يأتي إلا بخير ) متفق عليه
و الحمد لله رب العالمين
|