آخر تحديث: 2024-03-14

     واحة الفكر والثقافة

نحن بحاجة اليك
انعقدت خناصر أهل العلم على كبير فضله، وكريم خصاله، ودماثة أخلاقه، وجمّ تواضعه، وحميد جُرْأته
::: المزيد

................................................................

دراسات قرآنية
إعمار بيوت الله
إصلاح ذات البَين
مكانة المرأة في الإسلام 3
مكانة المرأة في الإسلام 2
::: المزيد

................................................................

دراسات من الواقع
عُرف الصيام قديماً منذ آلاف السنين عند معظم شعوب العالم، وكان دائماً الوسيلة الطبيعية للشفاء من كثير
::: المزيد

................................................................

مقالات فكرية
خطة رمضان ( أنا والقرآن )
كيف يصوم اللسان؟
اللغة العربية والإعلام 2
تلاوة الأطفال للقرآن وسماعه تأديب وتربية وتعليم:
::: المزيد

................................................................

مقالات دعوية
من شمائل وأوصاف النبي المختار صلى الله عليه وسلم
بر الوالدين (حقوق الأولاد )
بر الوالدين 2( ولاتنهرهما )
بر الوالدين 1
::: المزيد
 

     وجهـة نظــر

خواطر شبابية
هل أنت تعامل الناس بأخلاقك ام بأخلاقهم ؟
من هو شهر رمضان ؟
أمـــــــــــــي
غزة والصحافة العربية
::: المزيد

................................................................

خواطر أنثوية
الأم
أفضل النساء
المعلِّم
همسة مؤمنة
::: المزيد

................................................................

مشكلات اجتماعية
قطيعة الرحم
في بيتنا أسير للكلمة التافهة !
15 حلا في 10 دقائق
كيف يقترب الأبوان من قلوب أبنائهم وبناتهم؟
::: المزيد

     سـؤال و جـواب

فتاوى
ظهور أحد في عمل فني يمثل شخصية سيدنا محمد
القتل
شروط الذكر
تسويق
::: المزيد

................................................................

مشكلات وحلول
احب احد من اقاربي
أرجو الرد للضرورة القصوى
ارجوكم ساعدوني انا افكر في الانتحار
أغاني تامر
::: المزيد

................................................................

تفسير الأحلام
حلم طويل
حلم غريب
حلم عن الحصان والفيل
انا تعبان
::: المزيد

................................................................

الزاوية القانونية
إبطال زواج
عقد الفرز والقسمه
الوكالة
الشهادة
::: المزيد
 

       أحسـن القـول

برنامج نور على نور الاذاعي
إعداد وتقديم :
الأستاذ الشيخ أحمد سامر القباني
والأستاذ الشيخ محمد خير الطرشان
الإرهـــاب
فريضة طلب العلم
خلق الحلم 2
خلق الحلم 1
::: المزيد

................................................................

محاضرات و نشاطات
سمك يطير
سمية في تركيا
ندوة الشباب ومشكلاتهم 2
ندوة الشباب ومشكلاتهم 1
::: المزيد
 

       اخترنــا لكـم

هل تعلم؟
هل تعلم
فوائد الليمون
فنون الذوقيات والإتيكيت الإسلامي3
فنون الذوقيات والإتيكيت الإسلامي2
::: المزيد

................................................................

قصة وعبرة
أبتي لن أعصيك... فهل لك أن ترجع لي يدي؟
أثر المعلم
المهم " كيف ننظر للابتلاء عندما يأتي ؟
كيس من البطاطا ..
::: المزيد
 

   ::    المزيد من الأخبار


الموجز في قواعد اللغة العربية

كتابٍ من صنعة متخصصٍ في علوم العربية عاش حياته لأجلها تأليفاً وتدريساً، ويدرك القارئ لهذا الكتاب تمكن المؤلف رحمه الله في هذا المجال وقدرته التي أعطت الكتاب ذوقاً فنياً عند صياغته له بمنهج مبسط واضح جامع.
::: المزيد

 

 

حسب اسم الكتاب

حسب اسم الكاتب

حسب الموضوع

dot الموجز في قواعد اللغة العربية
dot غزوة الأحزاب بين الأمس واليوم
dot الإعجاز التشريعي والعلمي في آيات الطعام والشراب في سورتي المائدة والأنعام
dot أمريكا حلم الشباب الواهم

dot حاشية ابن عابدين
dot الموجز في قواعد اللغة العربية
dot معجم أخطاء الكتّاب
dot الميسر في أصول الفقه





 

 

 

 

 

 

 

 

 


واحة الفكر والثقافة >> مقالات دعوية :

عقوق الوالدين

 


بقلم : خالد القصير

بسم الله الرحمن الرحيم

ولادة الأمة لربتها : علامة من علامات الساعة
قَالَ فَأَخْبِرْنِي عَنْ السَّاعَةِ قَالَ مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنْ السَّائِلِ قَالَ فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَاتِهَا قَالَ أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا
أن تلد الأمة ربتها : معناه :
أن يكثر العقوق في الأولاد فيعامل الولد أمه معاملة السيد أمته من الإهانة بالسب والضرب والاستخدام فأطلق عليه ربها مجازا أو المراد بالرب : المربي الحقيقي

مقدمة
إن حق الوالدين عظيم، ومنزلتهما عالية في الدين؛ فبرهما قرين التوحيد، وشكرهما مقرون بشكر الله - عز وجل - والإحسان إليهما من أجل الأعمال، وأحبها إلى الكبير المتعال.
قال الله - عز وجل -:  وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا  [ النساء: 36 ].
وقال الله - عز وجل -:  قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا  [ الأنعام: 151 ].
وقال الله - تبارك وتعالى -:  وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا  [ الإسراء: 23، 24 ].
وقال الله - عز وجل -:  وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ  [ لقمان: 14 ].
ثم إن الأحاديث في هذا السياق كثيرة جدا، منها ما رواه ابن مسعود - رضي الله عنه - قال سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أي العمل أحب إلى الله ؟ قال:  الصلاة في وقتها  قلت: ثم أي ؟ قال:  بر الوالدين  قلت: ثم أي ؟ قال:  الجهاد في سبيل الله 
ثم إن بر الوالدين مما أقرته الفطر السوية، واتفقت عليه الشرائع السماوية، وهو خلق الأنبياء، ودأب الصالحين.
كما أنه دليل على صدق الإيمان، وكرم النفس، وحسن الوفاء.
وبر الوالدين من محاسن الشريعة الإسلامية؛ ذلك أنه اعتراف بالجميل، وحفظ للفضل، وعنوان على كمال الشريعة، وإحاطتها بكافة الحقوق.
بخلاف الشرائع الأرضية التي لا تعرف للوالدين فضلا، ولا ترعى لهما حقا، بل إنها تتنكر لهما، وتزري بهما.
وها هو العالم الغربي بتقدمه التكنولوجي شاهد على ذلك؛ فكأن الأم في تلك الأنظمة آلة إذا انتهت مدة صلاحيتها ضرب بها وجه الثرى.
وقصارى ما تفتقت عنه أذهانهم من صور البر أن ابتدعوا عيدا سنويا سموه: ( عيد الأم ).
حيث يقدم الأبناء والبنات في ذلك اليوم إلى أمهاتهم طاقات الورد معبرين لهن عن الحب والبر.
هذا منتهى ما توصلوا إليه من البر، يوم في السنة لا غير ! أين الرعاية ؟ أو أين الترحم ؟ أو أين الوفاء ؟ !
لا علم لهم بتلك المعاني الشريفة الفاضلة، ولا حظ لها عندهم.
أما حق الوالدين في الإسلام فقد مر بك شيء منه، وليس ذلك فحسب، بل إن الإسلام نهى عن العقوق، وحذر منه أشد التحذير، فهو كبيرة من الكبائر، وهو قرين للشرك.
ويكفي في ذلك قوله - تعالى -:  فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا  [ الإسراء: 23 ].
فما بالك بما فوق كلمة " أف ". والأحاديث في هذا السياق كثيرة جدا، ومنها ما جاء في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:  الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس 
ومع تلك المكانة للوالدين، وبرغم ما جاء من الأمر الأكيد في برهما، والزجر الشديد في النهي عن عقوقهما إلا أن فئاتا من الناس قد نسيت حظا مما ذكرت به، فلم ترع حق الوالدين، ولم تبال بالعقوق.
والحديث في المحاضرة سيدور حول الأمور الآتية:

- تعريف العقوق.
- من مظاهر عقوق الوالدين.
- أسباب العقوق.


تعريف العقوق
العقوق ضد البر، قال ابن منظور - رحمه الله -: " وعق والده يعقه عقا وعقوقا ومعقة: شق عصا طاعته، وعق والديه: قطعهما ولم يصل رحمه منهما "
وقال: " وفي الحديث أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن عقوق الأمهات وهو ضد البر، وأصله من العق: الشق والقطع "
 
من مظاهر عقوق الوالدين

عقوق الوالدين يأخذ مظاهر عديدة، وصورا شتى، منها ما يلي
1 - إبكاء الوالدين وتحزينهما سواء بالقول أو الفعل، أو بالتسبب في ذلك.
2 - نهرهما وزجرهما وذلك برفع الصوت؛ والإغلاظ عليهما بالقول. قال - تعالى -:  وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا  [ الإسراء: 23 ].
3 - التأفف، والتضجر من أوامرهما وهذا مما أدبنا الله - عز وجل - بتركه؛ فكم من الناس من إذا أمر عليه والداه - صدر كلامه بكلمة " أف " ولو كان سيطيعهما، قال - تعالى -:  فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ  [ الإسراء: 23 ].
4 - العبوس، وتقطيب الجبين أمامهما فبعض الناس تجده في المجالس بشوشا، مبتسما، حسن الخلق، ينتقي من الكلام أطايبه، ومن الحديث أعذبه؛ فإذا ما دخل المنزل، وجلس بحضرة الوالدين انقلب ليثا هصورا لا يلوي على شيء، فتبدلت حاله، وذهبت وداعته، وتولت سماحته، وحلت غلظته وفظاظته وبذاءته، يصدق على هذا قول القائل:

من الناس من يصل الأبعدين   ويشقى به الأقرب الأقربُ

5 - النظر إلى الوالدين شزرا وذلك برمقهما بحنق، والنظر إليهما بازدراء واحتقار.
قال معاوية بن إسحاق عن عروة بن الزبير قال: " ما بر والده من شد الطرف إليه "
6 - الأمر عليهما كمن يأمر والدته بكنس المنزل، أو غسل الثياب، أو إعداد الطعام؛ فهذا العمل لا يليق خصوصا إذا كانت الأم عاجزة، أو كبيرة، أو مريضة.
أما إذا قامت الأم بذلك بطوعها، وبرغبة منها وهي نشطة غير عاجزة - فلا بأس في ذلك، مع مراعاة شكرها، والدعاء لها.
7 - انتقاد الطعام الذي تعده الوالدة وهذا العمل فيه محذوران، أحدهما: عيب الطعام، وهذا لا يجوز؛ فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما عاب طعاما قط، إن أعجبه أكل، وإلا تركه.
والثاني: أن فيه قلة أدب مع الأم، وتكديرا عليها.
8 - ترك مساعدتهما في عمل المنزل: سواء في الترتيب والتنظيم، أو في إعداد الطعام، أو غير ذلك.
بل إن بعض الأبناء - هداهم الله - يعد ذلك نقصا في حقه وهضما لرجولته.
وبعض البنات - هداهن الله - ترى أنها تعاني وتكابد العمل داخل المنزل - فلا تعينها.
بل إن بعضهن تقضي الأوقات الطويلة في محادثة زميلاتها عبر الهاتف، تاركة أمها تعاني الأمرين.
9 - الإشاحة بالوجه عنهما إذا تحدثا: وذلك بترك الإصغاء إليهما، أو المبادرة إلى مقاطعتهما أو تكذيبهما، أو مجادلتهما، والاشتداد في الخصومة والملاحاة معهما.
فكم في هذا العمل من تحقير لشأن الوالدين، وكم فيه من إشعار لهما بقلة قدرهما.
10 - قلة الاعتداد برأيهما: فبعض الناس لا يستشير والديه، ولا يستأذنهما في أي أمر من أموره، سواء في زواجه، أو طلاقه، أو خروجه من المنزل والسكنى خارجه، أو ذهابه مع زملائه لمكان معين، أو نحو ذلك.
11 - ترك الاستئذان حال الدخول عليهما: وهذا مما ينافي الأدب معهما، فربما كانا أو أحدهما في حالة لا يرضى أن يراه أحد عليها.
12 - إثارة المشكلات أمامهما: سواء مع الإخوان أو الزوجة، أو الأولاد أو غيرهم.
فبعض الناس لا يطيب له معاتبة أحد من أهل البيت على خطأ ما - إلا أمام والديه، ولا شك أن هذا الصنيع مما يقلقهما، ويقض مضجعهما.
13 - ذم الوالدين عند الناس والقدح فيهما، وذكر معايبهما: فبعض الناس إذا أخفق في عمل ما - كأن يخفق في دراسته مثلا - ألقى باللائمة والتبعة على والديه، ويبدأ يسوغ إخفاقه ويلتمس المعاذير لنفسه بأن والديه أهملاه، ولم يربياه كما ينبغي، فأفسدا عليه حياته، وحطما مستقبله، إلى غير ذلك من ألوان القدح والعيب.
14 - شتمهما، ولعنهما: إما مباشرة، أو بالتسبب في ذلك؛ كأن يشتم الابن أبا أحد من الناس أو أمه، فيرد عليه بشتم أبيه وأمه.
فعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:  من الكبائر شتم الرجل والديه  . قيل: وهل يشتم الرجل والديه ؟ ! قال:  نعم ! يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه 
15 - إدخال المنكرات للمنزل: كإدخال آلات اللهو والفساد للبيت، مما يتسبب في فساد الشخص نفسه، وربما تعدى ذلك إلى فساد إخوته وأهل بيته عموما، فيشقى الوالدان بفساد الأولاد، وانحراف الأسرة.
16 - مزاولة المنكرات أمام الوالدين: كشرب الدخان أمامهما، أو استماع آلات اللهو بحضرتهما، أو النوم عن الصلاة المكتوبة، ورفض الاستيقاظ لها إذا أوقظاه، وكذلك إدخال رفقة السوء للمنزل؛ فهذا كله دليل على التمادي في قلة الحياء مع الوالدين.
17 - تشويه سمعة الوالدين: وذلك باقتراف الأعمال السيئة، والأفعال الدنيئة، التي تخل بالشرف، وتخرم المروءة، وربما قادت إلى السجن والفضيحة، فلا شك أن هذا من عقوق الوالدين؛ لأنه يجلب لهما الهم، والغم، والخزي، والعار.
18 - إيقاعهما في الحرج: كحال من يستدين أموالا، ثم لا يسددها ، أو يسيء الأدب في المدرسة؛ فتضطر الجهات المسؤولة إلى إحضار الوالد
وربما أوقف الوالد ريثما يسدد الولد دينه، أو يحضر ويسلم نفسه.
19 - المكث طويلا خارج المنزل: وهذا مما يقلق الوالدين ويزعجهما على الولد، ثم إنهما قد يحتاجان للخدمة، فإذا كان الولد خارج المنزل لم يجدا من يقوم على خدمتهما.
20 - الإثقال عليهما بكثرة الطلبات: فمن الناس من يثقل على والديه بكثرة طلباته، مع أن الوالدين قد يكونان قليلي ذات اليد، ومع ذلك ترى الولد يلح عليهما بشراء سيارة له، وبأن يزوجاه، ويوفرا له مسكنا جديدا، أو بأن يطلب منهما مالا كثيرا؛ كي يساير زملاءه وأترابه.
21 - إيثار الزوجة على الوالدين: فبعض الناس يقدم طاعة زوجته على طاعة والديه، ويؤثرها عليهما، فلو طلبت منه أن يطرد والديه لطردهما ولو كانا بلا مأوى.
وترى بعض الأبناء يبالغ في إظهار المودة للزوجة أمام والديه، وتراه في الوقت نفسه يغلظ على والديه، ولا يرعى حقهما.
22 - التخلي عنهما وقت الحاجة أو الكبر: فبعض الأولاد إذا كبر وصار له عمل يتقاضى مقابله مالا تخلى عن والديه، واشتغل بخاصة نفسه.
23 - التبرؤ منهما، والحياء من ذكرهما، ونسبته إليهما: وهذا من أقبح مظاهر العقوق، فبعض الأولاد ما إن يرتفع مستواه الاجتماعي، أو يترقى في الوظائف الكبيرة إلا ويتنكر لوالديه، ويتبرأ منهما، ويخجل من وجودهما في بيته بأزيائهما القديمة.
وربما لو سئل عنهما لقال: هؤلاء خدم عندنا !.
وبعضهم يرفض أن يذكر اسم والده في الولائم والمناسبات العامة؛ خجلا من ذلك ! وهذا العمل - بلا ريب - دليل على ضعة النفس، وصغر العقل.
وإلا فالنفس الكريمة الأبية تعتز بمنبتها، وأصلها، والكرام لا ينسون الجميل.

إن الكرام إذا ما أيسروا ذكروا        من كان يألفهم في المنزل الخشن

24 - التعدي عليهما بالضرب: وهذا العمل لا يصدر إلا من غلاظ الأكباد، وقساة القلوب، الذين خلت قلوبهم من الرحمة والحياء، وخوت نفوسهم من أدنى مراتب المروءة والنخوة والشهامة.
25 - إيداعهم دور العجزة: وهذا الفعل غاية في البشاعة، ونهاية في القبح والشناعة، يقشعر لهوله البدن، ويقف لخطبه شعر الرأس، والذي يفعله لا خير فيه البتة.
26 - هجرهما، وترك برهما ونصحهما إذا كانا متلبسين ببعض المعاصي: وهذا خلل وخطأ؛ فبر الوالدين واجب ولو كانا كافرين، فكيف إذا كانا مسلمين، وعندهما بعض التقصير ؟ !
27 - البخل والتقتير عليهما: فمن الناس من يبخل على والديه، ويقتر عليهما في النفقة. وربما اشتدت حاجتهما إلى المال، ومع ذلك لا يعبأ ولا يبالي بهما.
28 - المنة وتعداد الأيادي على الوالدين: فمن الناس من قد يبر والديه، ولكنه يفسد ذلك بالمن والأذى، وتعداد الأيادي، وذكر ذلك البر بمناسبة وبدون مناسبة.
29 - السرقة من الوالدين: وهذا الأمر جمع بين محذروين، السرقة والعقوق؛ فتجد من الناس من يحتاج للمال، فيقوده ذلك إلى السرقة من والديه إما لكبرهما، أو لغفلتهما.
ومن صور السرقة أن يخدع أحد والديه، فيطلب منه أن يوقع على إعطائه كذا وكذا من المال أو الأرض أو نحو ذلك. وقد يستدين منهما، وهو مبيت النية على ألا يسدد.
30 - الأنين وإظهار التوجع أمامهما: وهذا الأمر من أدس صور العقوق؛ ذلك أن الوالدين - وخصوصا الأم - يقلقان لمصاب الولد، ويتألمان لألمه؛ بل ربما يتألمان أكثر منه.
31 - التغرب عن الوالدين دون إذنهما، ودون الحاجة إلى ذلك: فبعض الأبناء لا يدرك أثر بعده عن والديه؛ فتراه يسعى للغربة والبعد عن الوالدين دون أن يستأذنهما، ودون أن يحتاج إلى الغربة؛ فربما ترك البلد الذي يقطن فيه والداه دون سبب، وربما تغرب للدراسة في بلد آخر مع أن تلك الدراسة ممكنة في البلد الذي يسكن فيه والداه إلى غير ذلك من الأسباب التي لا تسوغ غربته.
وما علم أن اغترابه عن والديه يسبب حسرتهما، وقلقهما عليه، وما علم أنه ربما مات والداه أو أحدهما وهو بعيد عنهما باختياره؛ فيخسر بذلك برهما، والقيام عليهما.
أما إذا احتاج الابن إلى الغربة، واستأذن والديه فيها - فلا حرج عليه.
32 - تمني زوالهما: فبعض الأولاد يتمنى زوال والديه؛ ليرثهما إن كانا غنيين، أو يتخلص منهما إن كانا مريضين أو فقيرين، أو لينجو من مراقبتهما ووقوفهما في وجهه كي يتمادى في غيه وجهله.
33 - قتلهما والتخلص منهما: فقد يحصل أن يشقى الولد، فيقدم على قتل أحد والديه؛ إما لثورة جهل، أو ثورة غضب، أو أن يكون في حال سكر، أو طمعا في الميراث، أو غير ذلك.
فيا لشؤم هذا، ويا لسواد وجهه، ويا لسوء مصيره وعاقبته، إن لم يتداركه الله برحمته.
هذه بعض المظاهر والصور لعقوق الوالدين، ذلك العمل القبيح، والمسلك الشائن، الذي لا يليق بأولي الألباب، ولا يصدر من أهل التقى والصلاح والرشاد.
فما أبعد الخير عن عاق والديه، وما أقرب العقوبة منه، وما أسرع الشر إليه.
وهذا أمر مشاهد محسوس، يعرفه كثير من الناس، ويرون بأم أعينهم، ويسمعون قصصا متواترة لأناس خذلوا وعوقبوا؛ بسبب عقوقهم لوالديهم. 

 لعقوق الوالدين أسباب كثيرة منها:

1 - الجهل فالجهل داء قاتل، والجاهل عدو لنفسه، فإذا جهل المرء عواقب العقوق العاجلة والآجلة، وجهل ثمرات البر العاجلة والآجلة - قاده ذلك إلى العقوق، وصرفه عن البر.
2 - سوء التربية: فالوالدان إذا لم يربيا أولادهما على التقوى، والبر والصلة، وتطلاب المعالي - فإن ذلك سيقودهم إلى التمرد والعقوق.
3 - التناقض: وذلك إذا كان الوالدان يعلمان الأولاد، وهما لا يعملان بما يعلمان، بل ربما يعملان نقيض ذلك، فهذا الأمر مدعاة للتمرد والعقوق.
4 - الصحبة السيئة للأولاد: فهي مما يفسد الأولاد، ومما يجرؤهم على العقوق.
كما أنها ترهق الوالدين، وتضعف أثرهم في تربية الأولاد.
5 - عقوق الوالدين لوالديهم: فهذا من جملة الأسباب الموجبة للعقوق؛ فإذا كان الوالدان عاقين لوالديهم عوقبا بعقوق أولادهما - في الغالب - وذلك من جهتين:
أولاهما: أن الأولاد يقتدون بآبائهم في العقوق.
وآخرهما: أن الجزاء من جنس العمل.
6 - قلة تقوى الله في حالة الطلاق: فبعض الوالدين إذا حصل بينهما طلاق لا يتقيان الله في ذلك، ولا يحصل الطلاق بينهما بإحسان.
بل تجد كل واحد منهما يغري الأولاد بالآخر، فإذا ذهبوا للأم قامت بذكر مثالب والدهم، وبدأت توصيهم بصرمه وهجره، وهكذا إذا ذهبوا إلى الوالد فعل كفعل الوالدة.
والنتيجة أن الأولاد سيعقون الوالدين جميعا، والوالدان هما السبب كما قال أبو ذؤيب الهذلي:
فلا تغضبن في سيرة أنت سرتها   وأول راض سنة من يسيرها
7 - التفرقة بين الأولاد: فهذا العمل يورث لدى الأولاد الشحناء والبغضاء، فتسود بينهم روح الكراهية، ويقودهم ذلك إلى بغض الوالدين وقطيعتهما.
8 - إيثار الراحة والدعة: فبعض الناس إذا كان لديه والدان كبيران أو مريضان - رغب في التخلص منهما، إما بإيداعهما دور العجزة، أو بترك المنزل والسكنى خارجه، أو غير ذلك؛ إيثارا للراحة - كما يزعم - وما علم أن راحته إنما هي بلزوم والديه، وبرهما.
9 - ضيق الصدر: فبعض الأبناء ضيق الصدر، فلا يريد لأحد في المنزل أن يخطئ أبدا، فإذا كسرت زجاجة، أو أفسد أثاث المنزل - غضب لذلك أشد الغضب؛ وقلب المنزل رأسا على عقب.
فهذا مما يزعج الوالدين، ويكدر صفوهما.
كذلك قد تجد بعض الأبناء يأنف من أوامر والديه، خصوصا إذا كان الوالدان أو أحدهما فظا غليظا، فتجد الولد يضيق ذرعا، ولا يتسع صدره لهما.
10 - قلة إعانة الوالدين لأولادهما على البر: فبعض الوالدين لا يعين أولاده على البر، ولا يشجعهم على الإحسان إذا أحسنوا.
فحق الوالدين عظيم، وهو واجب بكل حال.
لكن الأولاد إذا لم يجدوا التشجيع، والدعاء، والإعانة من الوالدين - ربما ملوا، وتركوا بر الوالدين، أو قصروا في ذلك.
11 - سوء خلق الزوجة: فقد يبتلى الإنسان بزوجة سيئة الخلق، لا تخاف الله، ولا ترعى الحقوق، فتكون شجى في حلقه، فتجدها تغري الزوج، بأن يتمرد على والديه، أو يخرجهما من المنزل، أو يقطع إحسانه عنهما؛ ليخلو لها الجو بزوجها، وتستأثر به دون غيره.
12 - قلة الإحساس بمصاب الوالدين: فبعض الأبناء لم يجرب الأبوة، وبعض البنات لم تجرب الأمومة، فتجد من هذه حاله لا يأبه بوالديه؛ سواء إذا تأخر بالليل، أو إذا ابتعد عنهما، أو أساء إليهما.

 


 

التعليقات

أضف تعليق

عنوان التعليق

الاسم

البريد الالكتروني

نص التعليق

كود التحقق

شروط نشر التعليقات

  • الالتزام بالآداب العامة المتعارف عليها والابتعاد عن أي مفردات غير مناسبة.

  • سيتم حذف أي تعليق لايتعلق بالموضوع .

  • سيتم حذف أي تعليق غير مكتوب باللغة العربية أو الإنجليزية.

  • من حق إدارة الموقع حذف أو عدم نشر أي تعليق لا يلتزم بالشروط أعلاه.

عودة إلى قائمة المقالات

حاشية ابن عابدين
قائمة الكتب
قائمة المخطوطات
واحة الفكر والثقافة
وجهة نظر
سؤال وجواب
أحسن القول
اخترنا لكم
أخبار الدار
كلمة الشهر

الشجرة التي لا تميل الرياح أغصانها شجرة ميتة الجذور ، كذلك النفس التي لا تهزها المآسي نفس ماتت فيها المعاني الإنسانية

A smile is an international expression that needs no translation


 
النتائج  |  تصويتات اخرى

 









اشتراك

إلغاء الاشتراك

 
 
 


1445 - 1429 © موقع دار الثقافة والتراث ، جميع الحقوق محفوظة
Powered by Magellan