واحة الفكر
والثقافة
>>
دراسات قرآنية :
تابع التربية الروحية في الإسلام:
الشِّرْكِ الخَفِي في الدُعَاءِ
قال الله تعالى:(أمَّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلاً ما تذكرون) " النمل آية 62 "
يقع بعض الناس اليوم في الشرك الخفي بتوجههم الكلِّي إلى أصحاب النفوذ والجاه والسلطة ,ليقضوا لهم حوائجهم ,فيكيلون لهم المدح والثناء ويكثرون لهم العطاء,متناسين قدرة الله عز وجل على قضاء حوائج الناس وإجابة دعائهم ,وأن تصريف الأمور كلها بيده وحده جلَّت عظمته .
وما أحلى أن يجد الإنسان من يقف بجانبه في الشدائد والأزمات ! و من أجلًّ وأعظم من ربِّ العالمين يغيث عباده عند اضطراب أمورهم, وانقطاع حبل آمالهم ؟ وما أكرمها من ساعة نفقد فيها أسباب النجاة, فيتكرَّم علينا مسبِّب الأسباب بالمساعدة والإنقاذ !.
ولكن هذه النعم لن تتوفر لعبد ,ما لم يلجأ بقلب صادق التوجه إلى حضرة الله ؛ولن تتحقق لعبد,ما لم يهرع بلهفة إلى خالقه ومولاه يطلب العون والمدد؛عندها ,وبصدق الدعاء والتضرُّع تحفُّه العناية الإلهية لتقلب عسره يسراً,متخطية جميع الموازين البشرية .
بينما نجد الناس يغفلون عن هذه الحقيقة في ساعات الرضا والوهم, فيلتمسون القوَّة والنصرة والحماية في قوة من قوى الأرض الضعيفة الهزيلة.
أمَّا حين تلجئهم الشدة ,ويضطرهم الكرب ,تزول عن فطرتهم غشاوة الغفلة ,ويرجعون إلى ربهم منيبين مهما كانوا من قبل غافلين أو مكابرين,أخرج الإمام أحمد عن رجل من أهل البادية قال:(قلت يا رسول الله إلام تدعو؟قال:أدعو إلى الله وحده الذي إن نزل بك ضُرٌّ فدعوته كشف عنك ,والذي إن ضللت بأرض قفر فدعوته ردَّ عليك ,والذي إن أصابك سَنة فدعوته أنزل لك )
والإنسان المعيَّن خليفة لله تعالى في الأرض ,ما كان له أن يستمد قوة والعون من غيره عزَّ وجل,وهذا هو الشِّرك الخفي إن فعل ذلك بل عليه أن يذوب على أعتاب الله تعالى بقلب يحترق حبَّاً وخوفاً,ودموع سخية مدرارة تغسل الذنوب ,ويبًدي الندم على ما فرط من حقوق الله تعالى ,وهو بين رجاء وأمل لا يقنط من رحمته تعالى ولا ييأس ,موكلاً الأمر كلَّه إلى رب العالمين ,وموقناً بالإجابة .
جاء في الحديث القدسي :(أنا عند ظنِّ عبدي بي ,فإن ظنَّ بي خيراً فله ,وإن ظنَّ شراً فله)رواه الإمام أحمد وابن حبان في صحيحه والبيهقي .
ثمَّ يترك تقدير الأمور لحضرة الله تعالى ,فلا يستبطئ الإجابة من الله تعالى فهو أدرى بما يناسبه ولو وعى ذلك لما فكر أصلاً باللجوء إلى غيره.
والحمد لله ربِّ العالمين
غازي صبحي آق بيق /أبو غانم
|