واحة الفكر
والثقافة
>>
دراسات قرآنية :
تابع التربية الأخلاقية في الإسلام:
العزة بالله عز و جل
قال الله تعالى : ((مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ )) [[فاطر/10
تكمن العزة الحقيقية في الركون و الرجوع إلى الله عز و جل صاحب العزَّة و الجاه , وكل من يتمسك بغير العزيز و بنشد منه القوة و العزة فإنه يتمسك بالوهم و السراب ومآله إلى ذلٍّ وهوان .
إن من صفات اِلله تعالى العزة والقوة , فإذا تقرب العبد من ربه طاعة و محبة و عملاً , أحبه الله عزَّ وجل , وأسبغ عليه ظلالاً من صفاته . فالمؤمن عزيز بالله العزيز الجبار المتكبِّر , ولا عزة له بغيره سبحانه وتعالى . قال بعض العارفين ( من أراد عز الدارين فليطع العزيز ) .
ولعزة المؤمن وجه ناصع يتجلى في تواضعه لمخلوقات الله عز وجل , و حسن المعاشرة معهم , ومخاطبتهم بطيِّب الكلام وعذبه , وحسن معاملتهم , ومدِّ يد المعونة لهم , وإسداء النصيحة , والبذل من أجلهم , والتضحية في سبيلهم , وهكذا يصعد إلى عنان السماء , ممزوجاً بطيب الكلم ومعسوله ليجد أبواب السماء مفتحة له , وصحائف القبول مشرَّعة له .
وكم أضاع أقوام حسن صنائعهم بقبائح ألفاظهم , فحبطت أعمالهم لدى مولاهم , ونفرت عنهم قلوب الخلائق .
جاء في الحديث الشريف : ( لا يقبل الله قولا ً إلا بعمل , ولا يقبل قولا ً و عملا ً إلا بنية , ولا يقبل قولاً وعملا ً ونيةً إلا بإصابة السنة ) أخرجه أبو القاسم ومجاهد من حديث ابن عباس رضي الله عنه ما .
وقال بعض المحبين : ( إن كلام المرء بذكر الله إن لم يقترن به عمل صالح لم ينفع , لأن من خالف قوله فعله فهو وبال عليه ) .
وصلاح العمل يكون بالإخلاص فيه , وما كان من هذا القبيل , قبله الله تعالى وأثاب عليه , وما لا إخلاص فيه فلا ثواب عليه , فالصلاة و الزكاة وأعمال البر إذا فعلت مراءات الناس لا يتقبلها تعالى حيث قال : ((وَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ [الماعون/ 4-7 [)) .
والذين يمكرون السيئات يمكرونها طلباً للعزة الكاذبة , والغلبة الموهومة , وبثاً للفتنة و التفرقة , وقد يبدو في الظاهر أنهم أعزاء وأقوياء , ولكن هذا وهم ليس له سند من الحقيقة , ولان القول الطيب هو الذي يؤلف و العمل الصالح هو الذي يثمر , وبهما تكون العزة بمعناها الواسع الشامل , أما المكر السيئ قولا و عملاً فليس سبيلاً إلى العزة , ولو حقق القوة الطاغية الباغية في بعض الأحيان إلا أن نهايته إلى البوار وإلى العقاب الشديد .
ذلك وعد الله عزَّ وجل, ولا يخلف وعده , وإن أمهل الماكرين حتى يحين الأجل المحتوم في تدبير الحق المرسوم .
والحمد لله ربِّ العالمين
غازي صبحي آق بيق /أبو غانم
|