كتابٍ من صنعة متخصصٍ في علوم العربية عاش حياته لأجلها تأليفاً وتدريساً، ويدرك القارئ لهذا الكتاب تمكن المؤلف رحمه الله في هذا المجال وقدرته التي أعطت الكتاب ذوقاً فنياً عند صياغته له بمنهج مبسط واضح جامع. ::: المزيد
الأسرة كمال مقدس في نظر الإسلام , وهي اللبنة الصالحة الأساسية في بناء المجتمع الإنساني السليم ولهذا أولى الإسلام بنائها عناية فائقة , وأحاط إنشائها بأحكام وآداب تكفل أن يكون البناء متماسكاً قوياً , يحقق الغاية الكبرى من وجوده .
إن الزواج الإسلامي هو بداية الطريق , فالحياة الزوجية في الإسلام علاقة شرعية مقدسة , قلّ من يلتزم شرع الله تعالى فيها , ويراعي حقوقها وواجباتها ؛ نتيجة الجهل بأحكامها وآدابها أو تجاهل ذلك .
ونحن بإزاء آية كريمة تشع نوراً وتنطق حكمة , في تقرر أن المرأة آية من آيات اللهتعالى , خلقها من جنس الرجل ومن دواعي التآلف , والمخالفة من أسباب التباعد والتنافر , ولقد خلقها الله تعالى لتكون زوجة له وسكناً لقلبه , والسكن أمر نفساني , وسر وجداني يجد فيه المرء سعادة تشمل جميع أجزاء حياته , وهذه من الضرورات المعنوية التي لا يجدها الرجل إلا في ظل المرأة .
ولا يخفى أن ما يجد الرجل في المرأة تجد المرأة نظيره في الرجل , وما لم يكن هناك سكن ومودة ورحمة بين الزوجين , فإن الخلل يصيب الحياة الزوجية , ولابد من إصلاحه ؛ لتعود تلك الحياة إلى المنهج الإلهي , فتعود إليهما المكافأة الربانية العاجلة من الألفة و المحبة , والتفاهم والتعاون على النهوض بأعباء المسؤولية الزوجية .
وقد سئل ابن عباس رضي الله عنه عن معنى (مودَّة و رحمة ) , فقال : ( هي التنازل عن حقوقك ) , فأنت عندما تحب إنسانا ً تتغاضي عن هفواته و عثراته .
وبهذا التصوير يضع القرآن الكريم أسس الحياة العاطفية الهانئة الهادئة ؛ فالزوجة ملاذ الرجل يأوي إليها بعد جهاده اليومي في سبيل تحقيق العيش الحر الكريم والركن الذي ينحاز إليه بعد كده و جهده , فيأنس بها وبفضي إليها بآلامه وآماله , فتكون له خير مواس ومعين , وتكون من الزوجات اللواتي سئل النبي عليه الصلاة و السلام عنهن عندما قيل له ( أي النساء خير ؟ فقال التي تسرُّه إذا نظر إليها , وتطيعه إذا أمر , ولا تخالفه في نفسها ولا مالها بما يكره ) رواه أصحاب السنن .
فحقُّ الزوج على زوجته أن تتلقاه كلَّ يوم فرحة مرحة , طلقة الوجه , مبتسمة الثغر , نظيفة الجسد , طيبة الرائحة , لا يشم منها إلا طيبا ولا يرى منها إلا جميلا , ولا يسمع منها إلا عذب المنطق وطيب الحديث , فتستحق بذلك رضوان الله تعالى فضلاً عن مرضاة زوجها , لما جاء في الحديث الشريف : ( إن الله يحب المرأة البَزِغَة المَلِقة ) رواه أبو نعيم في الفردوس عن الإمام علي كرَّم الله وجهه .
و البَزِغَة : هي المتزينة لزوجها حتى تبدو كالشمس في بزوغها وإشراقها , أما المَلِقة فهي التي تتود له بحسن الكلام وجميل الفعال
العابدون يحبون الصحبة مع الله تعالى بالعبادة ، والمصلحون يحبون الصحبة مع الناس بالنصيحة ، والعلماء يحبون صحبة الكتب بالاستفادة ، وعامة الناس يحبون الصحبة مع من يوافقهم في الأهواء والمنادمة .