واحة الفكر
والثقافة
>>
دراسات قرآنية :
بسم الله الرحمن الرحيم
أخلاق اجتماعية دعا إليها الإسلام
وحدة الكلمة والاعتصام بحبل الله 1
قال الله تعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)) [3 آل عمران/102، 103] .
حين تتغلل محبة الله في القلوب , وتتفرغ عنها محبة لسائر مخلوقاته , وبالسير على نهجه القويم , وتتوحَّد الخطا وتتشابك الأيدي في تعاون وألفة , وتنأى بالمؤمنين عن مهاوي الهلاك والشقاق , وتجعل منهم أخواناً متحابين .
ويأمر الله تعالى من خلال هاتين الآيتين الكريمتين , جميع المؤمنين في كل أنحاء المعمورة , أن يتركوا الشهوات والشبهات ويزكوا أنفسهم كي يتمكن الإيمان من قلوبهم وتترسخ جذوره في أعماقهم , فيستسلموا استسلاماً كاملاً لشريعة السماء , ويخلصوا في العمل من أجل السلام والإخاء والإيمان , دون كلل أو ملل حتى الرمق الأخير .
ويناديهم الله تعالى بهذا النداء المحبب : (( ياأيها الذين آمنوا )) .
ليستثير عواطفهم الكريمة فيتلقون أوامره ونواهيه بقلوب مؤمنة مطمئنة , ومن هذه الدعوة إلى التقوى , وهي أن يطاع فلا يعصى , وأن يذكر فلا ينسى , وأن يشكر فلا يكفر . وكلما زادت تقوى القلب استيقظ شوقه إلى مقام أرفع ودرجة أرقى .
فإذا تمكن الإيمان من القلب , وترسخت جذوره في صميم النفس , أثمر حالة من حالات الرضا التي تفجر الطاقات ابتعاد الكاره عما يكره , وهذه المنزلة لا يصل إليها إلا من اتقى المحارم والشبهات , واقتصر في الشهوات و الملذات , وجاهد نفسه وتجافى عن الدنيا دار الغرور ؛ فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال ( إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله تعالى مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا ........ )رواه مسلم .
والله سبحانه إنما دعا الناس إلى الإسلام لأنه يجمع القلب إلى القلب ويضم الصفَّ إلى الصف , هادفاً للإقامة كيان موحَّد , ونبذ عوامل الفرقة والضعف وأسباب الفشل والهزيمة .
وهذه الروابط تقوم على الأخوة المعتصمة بحبل الله عزَّ وجل .
قال الله تعالى : ((وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)) [3 آل عمران/101] .
وإذا كانت وحدة الكلمة هي القوة التي تحمي دين الله تعالى , وتحرس دنيا المسلمين , فإن الفرقة هي التي تقضي على كل أمر , ليصحب أفراده كما وصفهم عليه الصلاة والسلام : ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ) متفق عليه عن رواية النعمان بن بشير رضي الله عنه .
وما رواه أبو موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً , وشبك بين أصابعه ) متفق عليه .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه , ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة , ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة ....)متفق عليه
وقال تعالى : ((........ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )) [9 الأنفال/62، 63] .
والحمد لله رب العالمين
غازي صبحي آق بيق / أبو غانم
|