من شمائل وأوصاف
النبي المختار صلى الله عليه وسلم
وجوب معرفة النبي صلى الله عليه وسلم قال تعالى: واعلموا أن فيكم رسول الله. وقال: أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون .
من الواجب على العقلاء المكلفين أن يتعرفوا إلى هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وشمائله الحميدة وخصاله المجيدة؛ لوجوه متعددة : من ذلك أن الله تعالى أمر بالإيمان به صلى الله عليه وسلم فقال تعالى: آمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا.
والإيمان بهذا النبي صلى الله عليه وسلم يتطلب معرفة فضله ورفعة مستواه على غيره، وما أدبه من الآداب الرضية، وما وهبه من الخلق العظيم والخلق الحسن.
ومنه أن الله تعالى أمر باتباعه صلى الله عليه وسلم فقال: إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم. فجعل الباري تعالى صدق الدليل على محبته تعالى اتباع نبيه صلى الله عليه وسلم.
وهذا يتطلب البحث عن أعماله وأقواله وأفعاله وأحواله، ويتطلب التعرف إلى سجاياه الكريمة وأخلاقه العظيمة؛ ليتأسى ويتبع في ذلك.
ولذلك كان أصحابه يحرصون كل الحرص على تتبع أفعاله وأقواله وآدابه؛ لينهجوا نهجه صلى الله عليه وسلم.
من أوصافه الخَلقية والخُلقية
قال سيدنا الحسن بن علي رضي الله عنه: سألت خالي هند بن أبي هالة _ وكان وصّافاً _ عن حلية النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنا أشتهي أن يصف لي شيئاً أتعلق به، فقال: كان رسول الله فخماً مُفخَّماً يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر.
ومن ذلك أن اطلاع المرء على أوصافه العظيمة صلى الله عليه وسلم وشمائله الكريمة لَيعطي صورة عملية تنطبع في القلب وترتسم في المخيلة، كأن هذا المرء رأى محبوبه عليه الصلاة والسلام .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصف إخوانه من الأنبياء لأصحابه؛ ليكونوا أقرب للتعرف إليهم، وأقرب للتحبب بهم.
روى أبو هريرة أن النبي عليه الصلاة والسلام نعت سيدنا موسى عليه السلام حين رآه ليلة الإسراء بأنه رَجِل الرأس، ونعت سيدنا عيسى عليه السلام بأنه ربعة أحمر، كأنما خرج من ديماس أي حمام .
في ذكر شمائله صلى الله عليه وسلم وسماع أوصافه تحيا قلوب المحبين، ويزداد حبهم، ويتحرك اشتياقهم، ثم قد أجمعت كلمة من رأوه ووصفوه على أنه لم ير له مثيل سابق ولا نظير لاحق.
قال البراء بن عازب رضي الله عنه: كان النبي عليه الصلاة والسلام أحسن الناس وجهاً، وأحسنهم خلقاً، ليس بالطويل البائن، ولا بالقصير.
وعن سيدنا علي كرم الله وجهه قال: أول ما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أسرع الناس إليه، فكنت فيمن جاءه، فلما تأملت وجهه واستبنته عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب، بل هو وجه إمام المرسلين، فكان أول ما سمعت من كلامه أنه قال: أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصِلُوا الأرحام، وصلُّوا بالليل والناس نيام تدخلوا جنة ربكم بسلام.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وجهاً وأنورهم لوناً.
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أنظف خلق الله بدناً وثوباً وبيتاً ومجلساً، وكان بدنه الشريف نظيفاً وضيئاً، وقد ورد في الحديث: أنه أنورُ المتجرِّد.
من هديه وتوجيهاته صلى الله عليه وسلم كما كان صلى الله عليه وسلم يأمر بالنظافة، ويحث عليها، ويحذر من الوساخة، وقد جاء ذلك على وجوه عديدة، منها: بيانه أن من مبادئ الإسلام النظافة: عن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله طيب يحب الطيب، نظيف يحب النظافة، كريم يحب الكرم، جواد يحب الجود، فنظفوا أفنيتكم، ولا
تشبهوا باليهود.
عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الإسلام نظيف، فتنظفوا، فإنه لا يدخل الجنة إلا نظيف.
حثه على نظافة البدن بكل وسائل النظافة:
عن السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عشر من الفطرة: 1- قص الشارب، 2- وإعفاء اللحية، 3- والسواك، 4- واستنشاق الماء، 5- وقص الأظفار،6- وغسل البراجم، 7- ونتف الإبط، 8- وحلق العانة، 9- وانتقاص الماء، 10- قال الراوي: ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة.
وقد حذر صلى الله عليه وسلم من إهمال ذلك، فقد سنَّ لنا في تنظيف ما سبق وقصه أن يكون كل أربعين يوماً إن دعت الحاجة إلى ذلك.
حثه على نظافة الثياب:
كان يأمر ويحث على نظافة الثياب وينهى عن تعريضها للاتساخ، يدل على ذلك ما رواه عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً متسخة ثيابه فقال: أما وجد هذا شيئاً ينقي به ثيابه؟وما رواه الأشعث بن سليم قال: سمعت عمتي تحدث عن عمها قال: بينما أنا أمشي في المدينة إذا إنسان خلفي يقول ارفع إزارك؛ فإنه أنقى... ،فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم... .
حثه على نظافة الطرق والساحات العامة:
روى أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الإيمان بضع وسبعون شعبة، وفي رواية: وستون شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق.
فإذا لم يكن للمؤمن بموجب إيمانه أن يترك أذى رآه في الطريق فمن باب أولى وأوجب أنه لا يجوز له أن يلقيه في الطريق، وقد قال صلى الله عليه وسلم في ذلك: نَحِّ الأذى عن طريق المسلمين.
فأكرِم وأعظِم بهذا النبي صلى الله عليه وسلم الذي جاء بسعادة الدنيا ونظافتها، وسعادة الدنيا ونضارتها.
من كتاب سيدنا محمد رسول الله
صلى الله عليه وسلم
شمائله الحميدة وخصاله المجيدة
للإمام الشيخ
عبد الله سراج الدين رضي الله عنه
بتصرف واختصار
عودة إلى أرشيف كلمة الشهر |