وجهة نظر
>>
خواطر شبابية :
التسبيح لله عز وجل.
قال الله تعالى {تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليماً غفوراً} [الإسراء: 44] وقال أيضاً: {ألم تر أن الله يسبح له من في السموات والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه والله عليم بما يفعلون} [النور: 41] وقال أيضاً: {فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله ا لحمد في السموات والأرض وعشياً وحين تظهرون} [الروم: 17-18]
إن التسبيح والتحميد هما لغة العاشقين لله عز وجل، وترجمان قلوبهم التي تشهد جماله في إبداع خلقه وجميل صنعته، فتلهج بالثناء عليه حمداً وشكراً، وعرفاناً وتنويهاً له سبحانه عما لا يليق بكماله.
إن عبادة التسبيح لا تقتصر على الإنسان؛ بل إن جميع الموجودات والعوالم، تتقرب إليه سبحانه بهذه الصلة الروحية، وتستديم عليها، وتجد فيها حياتها واستمراريتها وانتظامها.
وبعد اكتشاف الذرة وأجزاءها، وعلمنا بأنه لا شيء جامد في هذه الذرات ومكنوناتها، فيه تتحرك وتدور حول بعضها، أكوان شاسعة في بعدها رهيبة الانتظام في حركتها وفي تسبيحها لله الواحد الديان.
إن كل تبصُّر في هذه الأكوان اللامتناهية، وكل تفكير من إنسان يقطن أرضاً لا يزيد حجمها عن حبة رمل بالنسبة لهذه الأكوان، وهو بدوره لا يعادل ذرة حين تم تلقيحه في رحم أمه، ولولا فضل الله تعالى عليه لكان هباءً منثوراً. لقد تفضل تعالى عليه بالعقل والقلب والنفس وغيرها من مكونات الروح ليدرك كنه التسبيح لله تعالى وتنزيهاً عن كل نقص لا يليق بكمال ذاته وصفاته، وليرقى في معاني تمجيد عظمته وقدسيته جل وعلا.
هذا الرقي والتقرب من حضرة الله لا يتحقق إلا لمن ظهرت قلوبهم من نجاسات الغفلة وملوثات المعاصي، لتصبح كالمرآة صفاءً ونقاءً، حينها ينعكس عليها قبس من نور الله عز وجل، وبهذا النور الإلهي تتمكن من إدراك حقيقة تسبيح الكائنات لله تعالى، بل إنهم ما إن يسبحون الله تعالى ويذكرونه حتى يسبح ما في الكون بتسبيحهم ويذكر بذكرهم، كما قال تعالى في شأن نبيه داود عليه السلام {إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق} [ص: 18].
وقد ثبت في صحيح البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: ((كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل)) كما روى مسلم والترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذر رضي الله عنه: ((ألا أخبرك بأحب الكلام إلى الله؟ قلت: أخبرني يا رسول الله، قال: إن أحب الكلام إلى الله: سبحاه الله وبحمده)).
ومعنى قولنا: ((سبحان الله)) أي براءة وتنزيهاً لله من كل نقص. ومعنى قولنا: ((وبحمده)) فهو شكر لله تعالى على نعمه واعتراف بها.
ولعل السبب في تخصيص الطير بالتسبيح في الآية الكريمة، فهو لفت الأنظار إلى كمال القدرة الإلهية في صنعها، ولأن وقوف الأشياء الثقيلة في الجو أثناء الطيران حجة واضحة على عظيم قدرة الخالق المبدع.
فسبحان الله وبحمده، هو المنزه والمحمود من جميع أهل السموات والأرض، وفي كل الأحوال والأماكن والأزمان، لا إله إلا هو وحده لا شريك له، سبحانه وتعالى عما يصفون.
* هدية كتاب آيات قرآنية للتعليق الأجمل .
غازي صبحي آق بيق
أبو غانم |