آخر تحديث: 2024-03-14

     واحة الفكر والثقافة

نحن بحاجة اليك
انعقدت خناصر أهل العلم على كبير فضله، وكريم خصاله، ودماثة أخلاقه، وجمّ تواضعه، وحميد جُرْأته
::: المزيد

................................................................

دراسات قرآنية
إعمار بيوت الله
إصلاح ذات البَين
مكانة المرأة في الإسلام 3
مكانة المرأة في الإسلام 2
::: المزيد

................................................................

دراسات من الواقع
عُرف الصيام قديماً منذ آلاف السنين عند معظم شعوب العالم، وكان دائماً الوسيلة الطبيعية للشفاء من كثير
::: المزيد

................................................................

مقالات فكرية
خطة رمضان ( أنا والقرآن )
كيف يصوم اللسان؟
اللغة العربية والإعلام 2
تلاوة الأطفال للقرآن وسماعه تأديب وتربية وتعليم:
::: المزيد

................................................................

مقالات دعوية
من شمائل وأوصاف النبي المختار صلى الله عليه وسلم
بر الوالدين (حقوق الأولاد )
بر الوالدين 2( ولاتنهرهما )
بر الوالدين 1
::: المزيد
 

     وجهـة نظــر

خواطر شبابية
هل أنت تعامل الناس بأخلاقك ام بأخلاقهم ؟
من هو شهر رمضان ؟
أمـــــــــــــي
غزة والصحافة العربية
::: المزيد

................................................................

خواطر أنثوية
الأم
أفضل النساء
المعلِّم
همسة مؤمنة
::: المزيد

................................................................

مشكلات اجتماعية
قطيعة الرحم
في بيتنا أسير للكلمة التافهة !
15 حلا في 10 دقائق
كيف يقترب الأبوان من قلوب أبنائهم وبناتهم؟
::: المزيد

     سـؤال و جـواب

فتاوى
ظهور أحد في عمل فني يمثل شخصية سيدنا محمد
القتل
شروط الذكر
تسويق
::: المزيد

................................................................

مشكلات وحلول
احب احد من اقاربي
أرجو الرد للضرورة القصوى
ارجوكم ساعدوني انا افكر في الانتحار
أغاني تامر
::: المزيد

................................................................

تفسير الأحلام
حلم طويل
حلم غريب
حلم عن الحصان والفيل
انا تعبان
::: المزيد

................................................................

الزاوية القانونية
إبطال زواج
عقد الفرز والقسمه
الوكالة
الشهادة
::: المزيد
 

       أحسـن القـول

برنامج نور على نور الاذاعي
إعداد وتقديم :
الأستاذ الشيخ أحمد سامر القباني
والأستاذ الشيخ محمد خير الطرشان
الإرهـــاب
فريضة طلب العلم
خلق الحلم 2
خلق الحلم 1
::: المزيد

................................................................

محاضرات و نشاطات
سمك يطير
سمية في تركيا
ندوة الشباب ومشكلاتهم 2
ندوة الشباب ومشكلاتهم 1
::: المزيد
 

       اخترنــا لكـم

هل تعلم؟
هل تعلم
فوائد الليمون
فنون الذوقيات والإتيكيت الإسلامي3
فنون الذوقيات والإتيكيت الإسلامي2
::: المزيد

................................................................

قصة وعبرة
أبتي لن أعصيك... فهل لك أن ترجع لي يدي؟
أثر المعلم
المهم " كيف ننظر للابتلاء عندما يأتي ؟
كيس من البطاطا ..
::: المزيد
 

   ::    المزيد من الأخبار


الموجز في قواعد اللغة العربية

كتابٍ من صنعة متخصصٍ في علوم العربية عاش حياته لأجلها تأليفاً وتدريساً، ويدرك القارئ لهذا الكتاب تمكن المؤلف رحمه الله في هذا المجال وقدرته التي أعطت الكتاب ذوقاً فنياً عند صياغته له بمنهج مبسط واضح جامع.
::: المزيد

 

 

حسب اسم الكتاب

حسب اسم الكاتب

حسب الموضوع

dot الموجز في قواعد اللغة العربية
dot غزوة الأحزاب بين الأمس واليوم
dot الإعجاز التشريعي والعلمي في آيات الطعام والشراب في سورتي المائدة والأنعام
dot أمريكا حلم الشباب الواهم

dot حاشية ابن عابدين
dot الموجز في قواعد اللغة العربية
dot معجم أخطاء الكتّاب
dot الميسر في أصول الفقه





 

 

 

 

 

 

 

 

 


واحة الفكر والثقافة >> مقالات دعوية :

 
همسات من مُحِبَّة
                                   علا عبد الحميد زيدان .
 
من قلب ظلام ليل دامس غطى الأجواء ، واكتئابات نهار قاسٍ يقصم الخير، من قلب الهم القابع فوق القلب، من جوف الظلم القاهر للإنسان الحرّ، رأيت نور الحياة... رأيت الحب.
هنا في دنيا الناس، توجد قلوب قد تحجرَّت، منها من أخذ الدين رسوماً جوفاء، ومنها من عبد الله بخوف دون رجاء، ومنها من أظلم قلبه بطغيان المادة أو المعصية سواء ومنها ومنها... فأنى لهؤلاء أن يعرفوا معاني الحب أو حال المحبين.
ولكن من رحمة رب العالمين أن تَبْقَى في كل زمانٍ ومكانٍ تلك الطائفة الوسطية التي تأخذ من كل شيء أحَسَنه، فعمرت قلوبها بالحب قبل الخوف، وبالرحمة قبل الغضب، وأقفلت قلوبها عن الدنيا وإن كانت بين أيديها.
الحب والعشق داءٌ عضال، ملك على العاشقين الأبدان وأرواحها، والقلوب وخواطرها، والعيون ونواظرها، والعقول وآراءها، فهو خفي أن يُرى وجليّ أن يُخفى، كامنّ ككمون النار في الحجر إن قدحته أورى وإن تركته توارى....
الحبُّ من أسمى العلاقات، وأرفع الدرجات، (الحب هو روح الوجود وكسير القلوب، وصمّام الأمان لبني الإنسان).
إن الإنسان قبل الحب (شيء) وعند الحب (كل شيء) وبعد الحب (لا شيء) فمن أحب نسي مرارة الدنيا ولم يبق على شفتيه سوى حلاوتها.
الحبُّ يطير بالإنسان إلى ما فوق الذات... ويرفعه من الثرى إلى الثريا.
كتب الأستاذ محمد زكي عبد القادر في جريدة الأخبار: ((ولمحتُ عن بُعد أضواء تلمع وسط البحر كالنجم الهادئ، وتمنيت لو كان لي في المستقبل مثل هذا النجم، ومن منا لا يتمنى أن يكون له في مستقبله نجم هاد؟ نجم هاد فيما بقي له من أيام... فماذا يكون؟
الحكمة: وما تعطينا غير المنطق الجاف؟
الحذر: ماذا تعطينا غير الخوف الداعم؟
العمل: وما يعطينا غير العرق المتصبب؟
المال: وما يُعطينا غير الخوف والعرق والحذر؟
الحبّ: إنه الجوهر الوحيد الذي يعطينا الأمان والاستقرار والسلام... نحب كل شيء... كل إنسان.. نحبُّ الكارثة كما نحب النعمة... نحب الوجود كله بدايته ونهايته... الموت فيه والحياة! هل يستطيع أحدٌ أن يحب هذا الحب؟ لو فعل لكان ملاكاً)). اهـ.
نعم إنه الحب الذي ينسي الزمان والمكان، يغمر الإنسان بكل معاني الشوق... بكل معاني العشق... بمعانٍ يعجز عنها القلم وتعجز عنها الكلمات...
 
أنواع الحب:
 
ليُعلَم أنه لولا الحب لما كانت الحياة، فالحب صفة من الصفات التي خلقها الله تعالى في الإنسان وجعلها تنمو معه فالطفل يحب أمه ويُحس بها ويتعلق بها منذ أول أيام حياته.
هذا وهناك أنواع كثيرة للحب فمنه ما هو واجب كحب الله ورسوله قال سبحانه: {فسوف يأتي بقوم يحبهم ويحبونه} ومنه ما هو فطريٌّ جبليٌّ كحب الوالدين... و منه ما هو محرّم كالعلاقات التي يقيمها شباب وفتيات اليوم قال سبحانه: {ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله}.
وليس حديثنا الآن عن الحب الواجب أو المباح وإنما حديثنا عن ذاك الحب الذي تمثل في ملاحقة الفتيات في الأسواق، وعند أبواب الجامعات والكليات...
حديثنا إلى أولئك الذي أشغلوا ليلهم بالمحادثات الهاتفية والأسرار العاطفية...
حديثنا إلى أولئك الفتيات اللاتي فتنت عيونهن بالنظرات... وغرتهن الهمسات... حتى جعلوا له عيداً سموه عيد الحب ثم جعلوا له تسميات توافق شهواتهم: كحب أفلاطوني، وحب روحي وحب عذري... إلخ، وكلهم في النهاية يقعون في فتنة العشق، ثم في المخالفات الشرعية.
 
 
فتنة العشق:
 
إن كثيراً من العاشقين والعاشقات وقعوا في شِراك العشق فجأة بسبب نظرة عابرة، أو مكالمة طائشة، فأردت أحدهم قتيلاً وأورثته حزناً طويلاً فالتساهل في موضوع الحب والعشق والتمادي فيه يجرُّ إلى الفواحش والآثام ومواقعة الحرام، ويَشْغَلُ القلوب عن علام الغيوب.
كم أكبّت فتنة الحب من أناس في الجحيم؟ وأذاقتهم العذاب الأليم.. وكم أزال الحب من نعمة وأحل من نقمة؟
فلو سألت النِعم ما الذي أزالك؟ والهموم والأحزان ما الذي جلبك؟ والوجه ما الذي ذهب بنورك؟ والعيون ما الذي أبكاك؟ لأجابتك بلسان الحال: هذا بجناية العشق على أصحابه لو كان يعقلون...
نعم... نتحدث عن الحب لأن انتشار العلاقات المحرمة لا يضر الفاعلين فقط، فقط قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: ((ما ظهر الربا والزنا في قرية إلا أذن الله بهلاكها))، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذي مضوا)) رواه ابن ماجه بسند حسن.
وكم من فتاة ضيعت شبابها، وفضحت أهلها، أو قتلت نفسها بسبب ما تسميه العشق... وكم من شاب أشغل أيامه وساعاته وأضاع أنفاس حياته فيما يسميه العشق....
وقد يزين الشيطان أحياناً للشاب أو الفتاة أنه جميل جذاب وأن الطرف الآخر معجب به أشد الإعجاب فيقوده هذا إلى الوقوع بالخطأ ولو أنه ترفع عن ذلك كله واشتغل بما خُلق له لكان أسلم لدينه وعقله...

تأملي أختى في حال يوسف عليه السلام الذي أوتي من الحُسن والجمال ما يفوق الخيال، تراوده الملكة وهو عبد مملوك لها، غريبٌ لا يخش الفضيحة، شابٌ أعزب تشتاق نفسه إلى مثلها، وهي ذات منصب وجمال وقد أسرعت إلى أبوابها فغلّقتها، وإلى ثيابها فجمّلتها، وإلى فرشها فزينتها، ثم قالت له في تغنج ودلال: هيت لك: هيت لك فيصرخ بها العفيف عليه السلام قائلاً: {معاذ الله إنه ربي أحسن مثواه إنه لا يفلح الظالمون} قارني ذلك بما ذرك عن شاعر العزل عمر بن أبي ربيعة وكيف أنه مر بامرأة في الطريق فحكت عينها بيدها فظن المسكين أنها تغازله فوقع في حبها ثم قال متغزلا بها:

أشارت بطرف العين خيفة أهلها

                   إشـارة محزون ولم تتكـلم

فأيقنت أن الطرف قد قال مرحبا   

                  وأهلاً وسـهلاً بالحبيب المتيم

 
أسباب الحب:
 
نحن نعيش في زمن كثرت فيه المغريات، وتنوعت الشهوات، وترك المفسدون
في قنواتهم ومجلاتهم مخاطبة العقول والأذهان ولجؤوا إلى مخاطبة الغرائز وإثارة الحرام...
أصبح الشباب والفتيات حبارى، بين مجلات تغري، وشهواتٍ تسري، وقنوات تعري، وأفلام تُزَيِّنُ وتجري... فاشتغل الشباب والفتيات بعضهم ببعض واغتروا بالصحة والفراغ فأصبح الحب البلية العظمى، التي استعبدت النفوس لغير خلاقها، وملكت القلوب لعشاقها، فأحاطت القلوب بمحنة وملأتها فتنة فالمحب بمن أحبه قتيل، وهو له عبد خاضع ذليل، إن دعاه لباه، وإن قيل له ما تتمنى فهو غاية ما يتمناه..
فمن أسباب الوقوع في الحب والبحث عن الحبيب: قسوة الحياة ومصاعبها عموماً وفقدان الحنان والهدوء النفس في الأسرة فقد أثبتت دراسة أجريت في إيطاليا أن 85% من الزوجات اللواتي يبحثن عن صديق أو حبيب لا يجدن ما يحتجنه في منازلهن.
ومن الأسباب أيضاً مشاهدة الأفلام السينمائية والمسلسلات التلفزيونية التي يختلط فيها الرجال بالنساء حتى يقع في قلب من يشاهدها أن الاختلاط أمر عادي وأن العناق شيء بادي فيبدأ بالبحث عن معشوق له.
والأعظم من ذلك أن تلك الأفلام والمسلسلات يقع فيها الحب والغرام واللمسات والقبلات فإذا رآها الشباب والفتيات حركت فيهم الساكن وأظهرت الباطن ونزعت الحياء وقربت البلاء.
كما أن كثرة الكلام عن الحب والعشق والغرام في مجالس الشباب والفتيات يهيج النفوس إليه بل يشعر العفيف الذي صان نفسه عن هذه الأمور أنه شاذ بينهم فيبدأ بالبحث عن خليل أو خليلة فعلى العاقل أن يحذر من مثل هذه المجالس.
ومن أسباب العشق التساهل في مخالطة الرجال أو الخلوة بهم فما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما وفي رواية في المسند قال: ((ما خلا رجل بامرأة إلا هم بها)).
ومن الأسباب أيضاً التساهل في استعمال شبكة الانترنت، ثم استعمال chat بين الشباب والفتيات، ثم قد يصاحب ذلك نقل الصوت والصورة أو إرسالها عبر EMAIL.
ومن أسبابه أيضاً قراءة الروايات العاطفية والقصص الغرامية كروايات عبير مثلاً فإنه تشعر الإنسان بحاجته الملحة إلى مثل هذا الحب.
ومن الأسباب أيضاً الاستماع إلى الأغاني التي قال الله عمَّن يسمعها {ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله} فالأغاني مظهر العصيان ومزمار الشيطان فلقد قال ابن مسعود: ((الغناء رؤية الزنا)) أي: هو طريقه ووسيلته، عجباً هذا كان يقوله ابن مسعود لما كان الغناء يقع من الجواري والإماء والمملوكات، يوم كان الغناء بالشعر الفصيح، يقول هو رؤية الزنا فماذا يقول ابن مسعود في زماننا هذا وقد تنوعت الألحان وكثر أعوان الشيطان فأصبحت الأغاني تسمع في كل مكان ولا يذكر فيها إلا الحب والعشق والغرام وانتشر ما يسمى بالفديو كليب فإنه يُعرض من خلاله لمدة أربع أو خمس دقائق صوراً ومشاهد توحي برومانسيات زائفة وكلمات رقيقة عذبة تستولي على قلوب من يسمعها بل لا بد لمن يسمعها أن يصدقها فهي تمس أحاسيس القلوب فتسمع من يقل: ((أحبك جداً وجداً وجداً وأرفض من نار حبك أن أستقيلا وهل يستطيع المتيم بالعشق أن يستقيلا وما همني إن خرجت من الحب حيا وما حني إن خرجت قتيلا)).
وثان يقول: ((بحبك وحشتيني .. بحبك وانت نور عيني .. لو انت مطلعة عيني .. بحبك موت ..)).
ومن يقول: ((بعترف ادام عينيك .. من النهاردة انا عمري ليك ..)).
وتلك تقول: ((قد الحروف اللي في أسامي العاشقين: بحبك)).
ومن يقول : (( ما بد يقلك شو بني .. شو اللي جرالي بهالدني .. بدي معك ابدا العمر أول سطر بالولدنة ....... )) .
ومن يقول: ((أنا الحب الذي أعماني واخرسني ..)).
أختاه ناشتدك بالله أو ليست هذه الكلمات كافية لأن تُذهب بلب العاقلة فينا وتنسيه أخلاقه وتجعله يسيء لنفسه ثم لكل من حوله..
فمن تساهل في هذه الأسباب وقع في العشق المذموم وحلت عليه الكربات والهموم.
 
ماذا عن قلبك؟
 
قد تحبين أحداً لأنه قوّام لليل أو صوّام للنهار أو داع إلى الله أو ناجح في حياته وهذه المحبة، الإنسان مأجور عليها وهي لله وهذه المحبة نافعة في الدنيا والآخرة فأما نفعها في الدنيا فهو ما يحصل من تعاون على الخير وأما نفعها في الآخرة فهو الاجتماع في جنات النعيم قال تعالى: {الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون} وقد تحب شخصاً لجمال وجهه ورقة كلامه أو تغنجه ودلاله دون أن تنظر إلى صلاحه فهذه المحبة إن استشرت في القلب لا تزيد من الله إلا بعداً فقد قال سبحانه {ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا يا ويلتي لم أتخذ فالناً خليلا لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا}.
وقد يزعم البعض أن وقوعهم في هذا العشق أمر اضطراري لا يستطيع التخلص منه كمن قال:

يلومونني في حب سلمى وإنمـا    

                يرون الهوى شيئاً تيممته قصدا

 ألا إنما الحب الذي صدع الحشا    

                     بلاءٌ مـن الرحمن يبلو به العبد

ومهما زعم هؤلاء أن العشق يأسر قلوبهم فإني أعتقد أنهم قادرون على صون أنفهسم أصلاً من الوقوع فيه.
وإنَّ من أعظم بالبلايا التي انتشرت في مجتمعاتنا: عدم شعور جيل الشباب أصلاً بخطئه عندما يدعي حب فتاة ويخرج معها بل حتى يمسك يدها كما كتب أحد السائلين إلى إحدى القناوات الفضائية اعتراضه قائلاً: ((....وأنا آخذها معي بالسيارة ونمضي الساعات الطوال ونحن نتمشى .... ثم قال: ووالله لا يقع بيننا شيء يُغضب الله، لكن الجلس لا تخلو من القبلات الشريفة)). اهـ بتصرف.
سبحان الله ولا أدري ماذا يقصد بالقبلات الشريفة وهذا مسكين فإن مجرد الخلوة بينهما محرمة وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم قال: ((إياكم والدخول على النساء)) أي: الخلوة بهن فكيف الحال اليوم مع شبابنا وفتياتنا وقد فسد الزمان كيف يخلو شاب بفتاة ثم يقولان: صداقة بريئة؟
أين الذي يتساهلون بالاختلاط بزميلاتهم الموظفات في المعامل والمستشفيات والفنادق والشركات، ثم يقول: مثل أختي وقد قال سفيان الثوري لرجل صالح من أصحابه: ((لا تخلونَ بامرأة ولو قلت: أعلمها القرآن)).
 
أهمية الحب في حياة كل منا:
 
تقول كاتبة فرنسية: ((دولة الحب لا تزول أبداً ويكفني أنني أسيرة لها))، فالحب هو زادنا في هذه الحياة القاسية... الحب هو وسيلة نجاحنا في شتى مجالات حياتنا... نعم
في الأسرة والكلية والمجتمع كاملاً.
والمرأة في القادرة أن تقول: ((إنه لأمر حسن أن يضيع العالم كله ويبقى الحب))، فقد قال الصوفي جلال الدين الرومي: ((إن الحب يحو المرّ حلواً، والتراب تبراً، والكدر صفاء، والألم شفاء، والسجن روضة، والسقم نعمة، والقهر رحمة، وهو الذي يلين الحديد ويذيب الحجر ويبعث الميت وينفخ فيه الحياة)) اهـ بتصرف.
 
نريد أن نحب.... فمن نحب؟
 
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما تحاب اثنان في الله، إلا كان أحبهما إلى الله أشدهما حباً لصاحبه)) أخرجه ابن حبان والحاكم، وقال: صحيح الإسناد.
فيجب أن نجعل من حبنا طريقاً يوصلنا إلى الله فننعم بحب الله وننشي بنشوته ويُحكى أن أبا سليمان الدارني رضي الله عنه قال: ((لو أن الدنيا كلها لي، فجعلتها في فم أخ من إخواني لاستقللتها له)) اهـ فذلك هو الحب الذي لا يبتغي به إلا وجه الله وليس من ورائه مصلحة أو حاجة فهو حب في الله.
وقد أوصى علقمة العطاردي ابنه حين حضرته الوفاة فقال: ((يا بني! إذا عرضت لك إلى صحبة الرجال حاجة فاصحب: من إذا خدمته صانك وإن صحبته زانك وإن قعدت بك مؤونة مانك، اصحب من إذا مددت يدك بالخير مدها وإن رأى منك حسنة عدها وإن رأى سيئة سدها. اصحب من إذا سألته أعطاك، وإن سكت ابتداك، وإن نزلت بك نازلة واساك)). اهـ بتصرف.
 
حقيقة الحب:
 
كتب الأستاذ محمد راتب النابلسي في كتابه تأملات في الإسلام قائلاً: ((المحبة من أخص خصائص الإنسان، ولكن البطولة ليست في أن تحب، ولكن البطولة كل البطولة في أن تعرف من ينبغي أن تحب)) اهـ.
الحب هو كل الحياة ولكن ليس ذاك الحب الذي يتهامس به الشباب في خلواتهم أختاه... أقول لك: من ذ الذي يستحق أن يحتل كل كيانك؟
من ذا الذي أصبح يأسر مشاعرك؟
من ذا الذي تفضلين رؤيته عن نفس الهواء الذي يدخل إليك؟
من ذا الذين تتلاشى أمامه قاعدة كرامتك؟
من ذا الذي تقولين عنه إنه، هو وحده كل الأمل والجمال؟
من ذا الذي تتمنين أن تكوني سحابة صيف دائمة لتقيه لفح الشمس وحرارتها؟
من ذا الذي تتمنين أن تكوني قلماً يسطّر حياته لما كتبت دمعة على خده؟
من ذا الذي تتمنين أن تضعي أهدابك عليه لتقيه نظرات الغرباء؟
من ذا الذي تتمين أن تسرقي الشمس له فلا تصبح إلا عليه؟
من ذا الذي اخترت طعامك النظر إليه وحفيف ملابسه غلة مائدتك؟
أقول: إنه غير موجود .... نعم إن أي شاب من أولئك الشبان لا يستحق مثل هذا الحب... فمسكين ذلك الشاب الذي يتخيل أنه يحب فتاة ويهيم بها تيهاً وينسى كل حدود.
ومسكينة تلك الفتاة التي تظن أنها تحب فتى الأحلام فتهيم به تيهاً وتتجاوز كل حدود؟
مساكين هؤلاء المحبون عبر القرون... لم يعرفوا إلا نتفاً من معنى الحب وأنى لهم أن يعرفوا ولم يمروا بلحظة حب، قالت إحدى الفتيات في انكلترا واسمها YANGRES للكاهن الذي سألها عن حياتها: ((نعم يا سيدي... لقد مارست الجنس اثنتي عشرة مرة قبل الزواج ولكنني لم أزوج واحداً من أولئك الرجال التافهين)) فسبحان الله هي تقول ذلك وتعيش في بلد الإباحية ولا تقبل أن تتزوج أحداً من أولئك الشبان فهل يعقل أن تتزوجي أنت بمن أحببت وبعدما عاشرت فوا الله إنه لا يلبث أن يقضي منك مقتضاه ثم يقول لك: مثلك لا تكون زوجة لي... الرومانسية خلص... وما نقل إلينا أن الفيلسوف JAN JAK ROSOE أنجب أربعة من الأطفال قبل أن يقدم على خطوة الزواج وأيضاً لاعب القدم المشهور MARADONA كان ولداه الذين يحملان إكليل إمهما. لقد حولوا الحب إلى ستار يستترون به لإقامة علاقات جنسية... وإنني أعتقد أن الحب ليس في مختلف أشكاله متعة جنسية بل هو أولاً وبصفة خاصة خروج من عزلتنا الأليمة وتحطيم لقوقعتنا الذاتية وانتصارٌ على الأنانية.
وهذا هو السبب وراء تلك القشعريرة المقدسة التي تسيطر على قلب الإنسان حين يلتقي لأول مرة بهذه الذات المجهولة التي تعمل على انتزاعه من براثن أنانيته.
الحب يهز أركان وجودنا هزاً قوياً عميقاً فضلاً عن أنه يثير في أعماق نفوسنا مشاعر متناقضة من القلق والجوع والسرور والقسوة والحنان...
وفي النهاية أقول: قلبك... أسمى شيء تملكينه فلا تُملِكيه بيديك لأي أحد...
لأن تلك الشخصية المثالية التي تحبينها غير موجودة على الإطلاق...

أعلم أنه شعاري وشعارك وشعار كل فتاة ((أنا أحب... إذاً أنا موجودة)) فأحبي حباً سامياً إذاً.... فيا لشقاوة من لم يعرف ذلك الحب ويا لشقاوة قلب لم تُحيِ مَواته تلك اللحظة... تمنيت لو تعرف كل الدينا وكل الناس معنى ذلك الحب... تمنيت لو أن الحب الخالد كان بيدي لأرضعه لكل نفس تولد لكل قلب ينبض وحينها سوف تفهمين شعور ابن تيمية يوم قال: ((ما يفعل أعدائي بي أنا جنتي في صدري، إن سجنونني كان لي خلوة، وإن نفوني كان لي سياحة)).

                     والحمد لله رب العالمين . 

 

 

التعليقات

أضف تعليق

عنوان التعليق

الاسم

البريد الالكتروني

نص التعليق

كود التحقق

شروط نشر التعليقات

  • الالتزام بالآداب العامة المتعارف عليها والابتعاد عن أي مفردات غير مناسبة.

  • سيتم حذف أي تعليق لايتعلق بالموضوع .

  • سيتم حذف أي تعليق غير مكتوب باللغة العربية أو الإنجليزية.

  • من حق إدارة الموقع حذف أو عدم نشر أي تعليق لا يلتزم بالشروط أعلاه.

عودة إلى قائمة المقالات

حاشية ابن عابدين
قائمة الكتب
قائمة المخطوطات
واحة الفكر والثقافة
وجهة نظر
سؤال وجواب
أحسن القول
اخترنا لكم
أخبار الدار
كلمة الشهر

العلوم في أهدافها ثلاثة : فعلم للدار الآخرة ، فإن صحبته النية الخالصة نجى من النار ، وعلم للدنيا ، فإن صحبته العزيمة الصادقة ، نجى من الفقر ، وعلم للهو ، ففيه المهانة في الدنيا والهلاك في الآخرة

A person with a mission is a person leading a worthy life.


 
النتائج  |  تصويتات اخرى

 









اشتراك

إلغاء الاشتراك

 
 
 


1445 - 1429 © موقع دار الثقافة والتراث ، جميع الحقوق محفوظة
Powered by Magellan