آخر تحديث: 2024-03-14

     واحة الفكر والثقافة

نحن بحاجة اليك
انعقدت خناصر أهل العلم على كبير فضله، وكريم خصاله، ودماثة أخلاقه، وجمّ تواضعه، وحميد جُرْأته
::: المزيد

................................................................

دراسات قرآنية
إعمار بيوت الله
إصلاح ذات البَين
مكانة المرأة في الإسلام 3
مكانة المرأة في الإسلام 2
::: المزيد

................................................................

دراسات من الواقع
عُرف الصيام قديماً منذ آلاف السنين عند معظم شعوب العالم، وكان دائماً الوسيلة الطبيعية للشفاء من كثير
::: المزيد

................................................................

مقالات فكرية
خطة رمضان ( أنا والقرآن )
كيف يصوم اللسان؟
اللغة العربية والإعلام 2
تلاوة الأطفال للقرآن وسماعه تأديب وتربية وتعليم:
::: المزيد

................................................................

مقالات دعوية
من شمائل وأوصاف النبي المختار صلى الله عليه وسلم
بر الوالدين (حقوق الأولاد )
بر الوالدين 2( ولاتنهرهما )
بر الوالدين 1
::: المزيد
 

     وجهـة نظــر

خواطر شبابية
هل أنت تعامل الناس بأخلاقك ام بأخلاقهم ؟
من هو شهر رمضان ؟
أمـــــــــــــي
غزة والصحافة العربية
::: المزيد

................................................................

خواطر أنثوية
الأم
أفضل النساء
المعلِّم
همسة مؤمنة
::: المزيد

................................................................

مشكلات اجتماعية
قطيعة الرحم
في بيتنا أسير للكلمة التافهة !
15 حلا في 10 دقائق
كيف يقترب الأبوان من قلوب أبنائهم وبناتهم؟
::: المزيد

     سـؤال و جـواب

فتاوى
ظهور أحد في عمل فني يمثل شخصية سيدنا محمد
القتل
شروط الذكر
تسويق
::: المزيد

................................................................

مشكلات وحلول
احب احد من اقاربي
أرجو الرد للضرورة القصوى
ارجوكم ساعدوني انا افكر في الانتحار
أغاني تامر
::: المزيد

................................................................

تفسير الأحلام
حلم طويل
حلم غريب
حلم عن الحصان والفيل
انا تعبان
::: المزيد

................................................................

الزاوية القانونية
إبطال زواج
عقد الفرز والقسمه
الوكالة
الشهادة
::: المزيد
 

       أحسـن القـول

برنامج نور على نور الاذاعي
إعداد وتقديم :
الأستاذ الشيخ أحمد سامر القباني
والأستاذ الشيخ محمد خير الطرشان
الإرهـــاب
فريضة طلب العلم
خلق الحلم 2
خلق الحلم 1
::: المزيد

................................................................

محاضرات و نشاطات
سمك يطير
سمية في تركيا
ندوة الشباب ومشكلاتهم 2
ندوة الشباب ومشكلاتهم 1
::: المزيد
 

       اخترنــا لكـم

هل تعلم؟
هل تعلم
فوائد الليمون
فنون الذوقيات والإتيكيت الإسلامي3
فنون الذوقيات والإتيكيت الإسلامي2
::: المزيد

................................................................

قصة وعبرة
أبتي لن أعصيك... فهل لك أن ترجع لي يدي؟
أثر المعلم
المهم " كيف ننظر للابتلاء عندما يأتي ؟
كيس من البطاطا ..
::: المزيد
 

   ::    المزيد من الأخبار


الموجز في قواعد اللغة العربية

كتابٍ من صنعة متخصصٍ في علوم العربية عاش حياته لأجلها تأليفاً وتدريساً، ويدرك القارئ لهذا الكتاب تمكن المؤلف رحمه الله في هذا المجال وقدرته التي أعطت الكتاب ذوقاً فنياً عند صياغته له بمنهج مبسط واضح جامع.
::: المزيد

 

 

حسب اسم الكتاب

حسب اسم الكاتب

حسب الموضوع

dot الموجز في قواعد اللغة العربية
dot غزوة الأحزاب بين الأمس واليوم
dot الإعجاز التشريعي والعلمي في آيات الطعام والشراب في سورتي المائدة والأنعام
dot أمريكا حلم الشباب الواهم

dot حاشية ابن عابدين
dot الموجز في قواعد اللغة العربية
dot معجم أخطاء الكتّاب
dot الميسر في أصول الفقه





 

 

 

 

 

 

 

 

 


واحة الفكر والثقافة >> مقالات دعوية :

هل أتاك نبأ العلماء الذين أحرقوا كتبهم. . . أو دفنوها. . . !

 يقول الجاحظ رحمه الله تعالى: « [الكتاب] نعم الذّخرُ والعُقدة هو، ونعم الجليس والعُدَّة، ونعم النشرة والنزهة، ونعم المشتغل والحرفة، ونعم الأنيس لساعة الوحدة، ونعم المعرفةُ ببلاد الغربة، ونعم القرين والدخِيل، ونعم الوزير والنزيل. . . .  والكتابُ هو الذي إنْ نظرتَ فيه أطالَ إمتَاعَك، وشحَذَ طباعَك، وبسَط لسانَك، وجوَّدَ بَنانك، وفخَّم ألفاظَك، وبجَّح نفسَك، وَعمَّر صدرك، ومنحكَ تعظيمَ العوامِّ وصَداقَةَ الملوك، وعَرفتَ به في شهرٍ ما لا تعرفُه من أفواهِ الرجال في دهْر، مع السلامةِ من الغُرم، ومن كدِّ الطلب، ومن الوقوفِ بباب المكتِسب بالتعليم، ومِن الجُلوس بين يَديْ مَن أنت أفضلُ منه خُلُقاً، وأكرمُ منه عِرْقاً، ومع السلامةِ من مجالَسَة الْبُغَضاء ومقارنةِ الأغبياء(» غبرَ على الناس زمانٌ كان الكتاب ملءَ سمعهم وبصرهم، يُمتّعهم في الخلوة، ويُؤنسهم في الوحشة، ويجلو أفهامهم، ويذكي قلوبهم، ويصاحبهم في الغربة ويسرّي عنهم في الكُربة؛ فلا غرو أن صرفوا إليه همّهم، واستفرغوا  في تحصيله مجهودهم.  وأقاموه مُقام الزّوجة والمال والولد، بل مقاماً أجلَّ وأسمى، وأشرف وأنبل. 
قال قائلهم:
سَهَري لتنقيح العلومِ أَلذّ لي    من وصلِ غانيةٍ وطِيب عِناقِ


وتمايُلي طَرَباً لحَلِّ عويصةٍ   أشهى وأحلى من مُدامةِ ساقي

وصَريرُ أقلامي على صفحاتها  أشهى من الدُّوكاه والعُشَّاقِ

وألذُّ من نقْر الفتاة لدفِّها     نقْري لألقي الرَّمل عن أوراقي
لكن هذا الكتاب الذي هو ثمرة عقول ونتاج أفكار أضحى مأواه- في زمان خلا- إما بطنَ أرضٍ، أو جوف غار،  أو ظلمات بحار، ولربما غدا أيضاً طُعمةً للنار. وأولئك الذين حكموا عليه بالإعدام لم يكونوا أعداءه، بل كانوا أصحابه: أحبّاءه وعُشاقه. عجبٌ من العجب! ترى لمَ كانت تلك نهايتَه؟  أجزاءٌ وفاق أم جزاء سِنِمّارٍ وما كان ذا ذنب؟!
لم عقّ هؤلاء العلماءُ كتبهم؟ أوهو حقّاً  نوع من عقوق أم أنَّ لهم عذراً وأنت تلوم؟
تروم المقالة أمرين:  أولاً استقصاء ما يمكن استقصاؤه من علماء أوصوا بإهلاك كتبهم.  وثانياً الوقوف على الأسباب التي حملتهم على اتخاذ موقفهم ذاك.
العلماء الذين أحرقوا كتبهم أو دفنوها. . .
1)  أحمد بن أبي الحَواريِّ، اسمه ميمون أبو الحسن الدمشقيّ، من جِلّة العلماء والحفّاظ.  قال عنه الجنيد: « أحمد بن أبي الحواريّ ريحانة الشام. » رمى أحمد كتبه في البحر، وقال:« نعم الدليلُ كنت، والاشتغال بالدليل بعد الوصول محالٌ. » وقال يوسف بن الحسين:«  طلب أحمدُ بن أبي الحواريّ العلمَ ثلاثين سنة، ثمّ حمل كتبه كلّها إلى البحر، فغرّقها، وقال: يا عِلم، لم أفعل  بك هذا استخفافاً، ولكن لمّا اهتديتُ بك استغنيتُ عنك. » توفّي عام 246هـ.  وفي طبقات الحنابلة« طلب أحمد بن أبي الحواري العلم ثلاثين سنة، فلمّا بلغ منه الغايةَ حمل كتبه كلها فغرّقها في البحر، وقال: يا علم، لم أفعل هذا تهاوناً بك، ولا استخفافاً بحقك، ولكن كنت أكتب لأهتدي بك إلى ربّي فلمّا اهتديت بك إلى ربي استغنيت عنك.  وقال: لا دليل على الله سواه وإنما العلم يطلب لأدب الخدمة.  »
2) بِشرُ بن الحارث الحافي، العالم، الربّانيّ، القدوة، الزّاهد، عُني بالعلم، ثم أقبل على شأنه، ودفن كتبه( ).  قال إبراهيم بن هاشم:« دفنّا لبشر بن الحارث ثمانية عشر ما بين قِمطر وقوْصَرة من الحديث»( ) ونُقل عنه قوله: «وإني لأدعو الله أن يذهب به-أي الحديث- من قلبي، ويُذهب بحفظه من قلبي، وإنّ لي كتباً كثيرة قد ذهبت، وأُراها توطَأ ويُرمى بها فما آخذها، وإني لأهمّ بدفنها وأنا حيّ صحيح، وما أكره ترك ذاك من خير عندي، وما هو من سلاح الآخرة، ولا من عُدد الموت»  توفّي عام 227هـ. 
3) بِشر بن منصور، أبو محمد الأزْديّ السَّليميّ، البصريّ، الزّاهد. قال ابن المَديني: «ما رأيت أحداً أخوف لله منه.  وكان يصلّي كل يوم خمسمئة ركعة» قال ابن أخيه:« ما رأيت عمّي فاتته التكبيرة الأولى، وأوصاني في كتبه أن أغسلها أو أدفنها»  توفي عام 180هـ. 
4) الحسن بن رودبار كوفي ثقة.  دفن كتبه، وقال: لا يصلح قلبي على الحديث.
5) داود بن نُصير الطائيّ، الفقيه، الزّاهد، تفقّه بأبي حنيفة، قال سفيان بن عيينة: «ثم ترك طلب الفقه، وأقبل على العبادة، ودفن كتبه» توفي عام 163هـ. 
6) سفيان بن سعيد الثوريّ، الإمام، الحافظ،المجتهد.  قال الذهبي:« قد كان سفيان رأساً في الزهد، والتألّه، والخوف، رأساً في الحفظ، رأساً في معرفة الآثار . . . » أوصى سفيان إلى عمّار بن سيف في كتبه فأحرقها( ).  وفي رواية أخرى، قال أبوعبد الرحمن الحارثيّ: «دفن سفيان كتبه، فكنت أعينه عليها.  فقلت: يا أبا عبد الله! وفي الرِّكاز الخُمس.  فقال: خذْ ما شئت.  فعزلتُ منها شيئاً، كان يحدّثني منه» توفي عام 126هـ.
7) سَلْم بن ميمون الخوّاص، رازيٌّ، سكن الرّملة،  من العبّاد.  دفن كتبه.
8) شعبة بن الحجّاج، أحد الأمراء في الحديث، قال سعد بن شعبة: « أوصى أبي إذا مات أن أغسل كتبه، فغسلتها»( )  توفي عام 160هـ.  
9) ضيغم بن مالك، أبو بكر الراسبيّ، البصريّ، عالم زاهد.  قال عليّ بن المديني: دفن ضيغم كتبه.
10)   توفّي عام 180هـ
10)عروة بن الزبير بن العوّام، أبو عبد الله القرشيّ، عالم المدينة وأحد الفقهاء السبعة.  أحرق عروة كتباً له، فيها فقه، ثم قال: «لوددتُّ لو أني كنت فديتها بأهلي ومالي» وفي موطن آخر يقول عروة، وفي الصدر حزازةٌ وفي القلب غُصَّة: « كنا تقول لا نتّخذ كتاباً مع كتاب الله، فمحوت كتبي. فوالله لوددت أنّ كتبي عندي، إنّ كتاب الله قد استمرّت مَريرته (قوي واستحكم)» توفي عام 93هـ.
11)عطاء بن مسلم الخفّاف، أبو مخلد الكوفي، نزيل حلب.  وقال أبو حاتم كان شيخا صالحا وكان دفن كتبه، فلا يثبت حديثه، وليس بقوي . 
12) علي بن محمد بن العبّاس التّوحيديّ، أبو حيّان، فيلسوف،
متصوّف،أديب( ).  أحرق كتبه في آخر عمره لقلّة جدواها، وضنّاً بها على من لا يعرف قدرها بعد موته.  فكتب إليه القاضي أبو سهل، عليّ بن محمد، يعذله على صنيعه، ويعرّفه قبح ما اعتمد من الفعل وشنيعه.  فأرسل إليه أبو حيّان رسالة مطوّلة يبين فيها عذره.  وكان من جملة جوابه: «وبعد، فلي في إحراق هذه الكتب أسوةٌ بأئمة يقتدى بهم، ويؤخذ بهديهم، ويُعشى إلى نارهم، منهم: أبو عمرو بن العلاء، وكان من كبار العلماء مع زهد ظاهر وورع معروف، دفن كتبه في بطن الأرض فلم يوجد لها أثر.  وهذا داود الطائي، وكان من خيار عباد الله زهداً وفقهاً وعبادة، ويقال: له تاج الأمة، طرح كتبه في البحر وقال يناجيها: "نعم الدليل كنت، والوقوف مع الدليل بعد الوصول عناء وذهول، وبلاء وخمول".  وهذا يوسف بن أسباط، حمل كتبه إلى غار في جبل وطرحه فيه وسدّ بابه، فلما عوتب على ذلك قال: " دلّنا العلم في الأول ثم كاد يضلّنا في الثاني، فهجرناه لوجه من وصلناه، وكرهناه من أجل ما أردناه". وهذا أبو سليمان الداراني جمع كتبه في تنور وسجرها بالنار ثم قال: "والله ما أحرقتك حتى كدت أحترق بك". وهذا سفيان الثوري، مزّق ألف جزء وطيّرها في الريح وقال: "ليت يدي قطعت من ها هنا ولم أكتب حرفاً ".
وهذا شيخنا أبوسعيد السيرافي سيد العلماء قال لولده محمد:" قد تركت لك هذه الكتب تكتسب بها خير الأجل، فإذا رأيتها تخونك فاجعلها طعمة للنار".  توفي أبوحيّان عام 400هـ. 
13)علي بن مُسْهِر، علامة، حافظ، جمع الفقه والحديث.  دفن كتبه.  توفي عام 189هـ.
14) أبوعَمروبن العلاء، القارئ، اللغويّ.  كان أعلم الناس بالقراءات والعربية والشعر وأيام العرب.  ذكرت كتب التراجم أنّ كتبه كانت قد ملأت بيتاً له إلى قريب من السقف، ثم إنه تنسّك فأحرقها   توفي عام 154هـ. 
15) محمد بن العلاء، أبوكُرَيب الهمْداني، الكوفيّ، من أئمّة الحفاظ.   قال مُطيَّن:« أوصى أبوكريب بكتبه أن تدفن فدفنت»  توفي عام 248هـ.
 
16) محمد بن عمر بن محمد، أبوبكر الجِعَابي، التميميّ البغدادي، الحافظ، قاضي الموصل.   كان إماماً في المعرفة بعلل الحديث وثقات الرجال ومواليدهم ووفياتهم.  عُرف بالتشيُّع. قال ابن كثير:« ولما احتُضِر أوصى أن تحرق كتبه فحرقت، وقد أحرق معها كتب كثير كانت عنده للناس.  فبئس ما عمل!»  توفي عام355هـ
17) يوسف بن أَسْباط الشيباني، الزاهد، الواعظ، قال الإمام البخاري:« قد دفن كتبه فكان حديثه لا يجيء كما ينبغي»توفي في حدود 200هـ .


الدوافع

 تواطأ هؤلاء العلماء، الأتقياء، الأصفياء،  الذين كانوا ملح الأرض، وحلي الدنيا- تواطؤوا جميعاً على قرار "الإعدام" مع اختلاف في الوسائل والدوافع.  أما الوسائل فقد وقفت عليها لتوّك.  وأما الدوافع فإليك بعضاً منها:  
- الخوف من الدسّ في كتبهم، وتغييرها بالزيادة أو النقصان.  يعلق الإمام الذهبيّ على كلام سعد بن شعبة: " أوصى أبي إذا مات أن أغسل كتبه، فغسلتها" قلت:« وهذا قد فعله غير واحد: بالغسل، وبالحرق، وبالدفن، خوفاً من أن تقع في يد إنسان واهٍ، يزيد فيها أو يغيرها»( ).  ويقول الذهبيّ أيضاً بعد نقله قالةَ مُطيَّن:" أوصى أبو كريب بكتبه أن تدفن فدفنت. " قلت:« فعل هذا بكتبه من الدفن والغسل والإحراق عدةٌ من الحفاظ خوفاً من أن يظفر بها محدث قليل الدين، فيغيرَ فيها، ويزيد فيها، فينسب ذلك إلى الحافظ، أو أن أصوله كان فيها مقاطيع وواهيات ما حدث بها أبداً، وإنما انتخب من أصوله ما رواه، وما بقي، فرغب عنه.  وما وجدوا لذلك سوى الإعدام.  فلهذا ونحوه دفن، رحمه الله، كتبه».  
- عدم خلوص النية لله تعالى في تدريس العلم، وروايةِ الحديث، وتأليف الكتب.  فربما كان السعي وراء الشهرة، والحظوة لدى العامّة والخاصّة قد عكّرا صفو النية، ولوّثا طُهر الطّوية.   فجدّ العزم لدى هؤلاء العلماء أن يسسوا كتبهم بالعدم،  لعل وعسى أن تكتب- عند ربهم- نجاة، فيكونَ فوز.  قال يعقوب بن بختان: سمعت بشر بن الحارث يقول:لا أعلم من أفضل من طلب الحديث لمن اتّقى الله، وحسنت نيته فيه، وأما أنا فأستغفر الله من طلبه ومن كلّ خطوة خطوت فيه.  سير أعلام النبلاء 10/472.  روي عن بشر الحافي أنه قيل له: ألا تشتهي أن تحدّث؟ قال: أنا أشتهي أن أحّدّث.  وإذا اشتهيت شيئاً تركته.  سير أعلام النبلاء 10/470.
- كان لهذه الكتب هدفٌ واحد، وهو أن تكون جسراً موصلاً إلى الله تعالى.  أما وقد تمّ المراد وتحقق المقصود، فالاشتغال بها بعد ذلك نوع من العبث، وضرب من الهذر.  إذن فليكن مصيرها الفناء والهلاك خوفاً من أن ترتدّ فتنة على صاحبها، فتغدو الآن له صارفةً عما كانت قبلاً له موصلة.  ولعل هذا ما عناه أحمد بن الحواريّ بقوله مخاطباً كتبه :« نعم الدليلُ كنت، والاشتغال بالدليل بعد الوصول محالٌ. » وبقوله: « يا عِلم، لم أفعل بك هذا استخفافاً، ولكن لمّا اهتديتُ بك استغنيتُ عنك. »
 وعلى نحو ما ذُكر يحمل كلام أبي سليمان الدارانيّ مخاطباً كتبه المحترقة:" والله ما أحرقتك حتى كدت أحترق بك. "
- التنسك والزَّهادة في الدنيا، كما أنبأتنا كتب التراجم عن أبي عمرو بن العلاء.  وفي الحقيقة لا أخفي أن في النفس شكاً وريبة في أن يكون التنسك وحده الحاملَ لأبي عمرو على ما فعل.  أفلأن أبا عمرو ولج باب الزهد وانتظم في سلك النسّاك قرر أن يحرق كتبه؟!  هناك-في ظني- أسباب أخرى، لعل بعضها يدنو مما سلف ذكره، أو ربما  كانت هي هي.  والله تعالى أعلم  
- يقول الذهبي في تعليقه على كلام أبي  عبد الله الحاكم: " إسحاق، وابن المبارك، ومحمد بن يحي، هؤلاء دفنوا كتبهم "
قلت (الذهبي): " هذا فعله عدّة من الأئمة، وهو دالٌّ أنهم لا يرون نقل العلم وِجادةً،  فإن الخط قد يتصحّف على الناقل، وقد يمكن أن يُزاد في الخط حرفٌ فيغيّر المعنى، ونحو ذلك.  وأما اليوم فقد اتسع الخرق، وقلّ تحصيل العلم من أفواه الرجال، بل ومن الكتب غير المغلوطة، وبعض النقلة للمسائل قد لا يحسن أن يتهجى.  أقول: وإن كان لهذه العلة مساغ ما إلا أنه لا يجوز دفن الكتب بسببها؛ لأن  المنافع الجليلة، والفوائد الجسيمة التي فاتت بضياعها تفوق على نحو جمّ المخاوفَ التي استوجبت دفنها.
وبعد فهذا ما كان من شأن أئمتنا ثوّبهم الله جناته العلى مع كتبهم المحترقة أو المغيبة في باطن الأرض.  فإن يكونوا أحسنوا في فعلهم هذا فهو حسن قاصر لا يتعدى.  وإن يكونوا غير ذلك فأحرِ بهذا الفعل أن يتردّى.

 


المراجع
-الأعلام، للزركلي.  دار العلم للملايين- بيروت 1990.
-البداية والنهاية،لابن كثير.  دار الكتب العلمية- بيروت.  1988.
-تاريخ بغداد، للخطيب البغدادي.  دار الفكر.  دون تاريخ.
-الجرح والتعديل، للرازي.  دار إحياء التراث العربي- بيروت.  دون تاريخ.
-الحيوان،  للجاحظ.  تحقيق عبد السلام هارون، دار الجيل 1996.
-شذرات الذهب، لابن العماد.  تحقيق محمود الأرناؤوط.  دار ابن كثير- دمشق 1988.
-سير أعلام النبلاء، للذهبي.  تحقيق فئة من العلماء.  دار الرسالة- دمشق 1988.
-صفحات من صبر العلماء، لعبد الفتاح أبوغدة.  نشر مكتبة المطبوعات الإسلامية- حلب.  ط3 1992.
-طبقات الحنابلة، لابن أبي يعلى.  صححه حامد الفقي.  دار إحياء الكتب العربية(البابي الحلبي)- القاهرة.  دون تاريخ.
-لسان الميزان، لابن حجر العسقلاني.  نشر دار الكتاب الإسلامي- القاهرة.  دون تاريخ.
-معجم الأدباء، لياقوت الحموي.  تحقيق إحسان عباس.  دار الغرب الإسلامي- بيروت ط1 1993.
-معرفة الثقات، للعجلي.  تحقيق عبد العليم البستوي.  مكتبة الدار- المدينة المنورة ط1 1985.
-منهج النقد في علوم الحديث، للدكتور نور الدين عتر.  دار الفكر- دمشق, ط3 1981.
-الوافي بالوفيات، لخليل بن أيبك الصفدي.  فرانتس شتاينر- ألمانيا.  1962-1997.
-وفيات الأعيان، ابن خلكان.  تحقيق إحسان عباس.  دار صادر- بيروت 1994.

                                                  الأستاذ بشار بكور .


 

 

 

 

التعليقات

أضف تعليق

عنوان التعليق

الاسم

البريد الالكتروني

نص التعليق

كود التحقق

شروط نشر التعليقات

  • الالتزام بالآداب العامة المتعارف عليها والابتعاد عن أي مفردات غير مناسبة.

  • سيتم حذف أي تعليق لايتعلق بالموضوع .

  • سيتم حذف أي تعليق غير مكتوب باللغة العربية أو الإنجليزية.

  • من حق إدارة الموقع حذف أو عدم نشر أي تعليق لا يلتزم بالشروط أعلاه.

عودة إلى قائمة المقالات

حاشية ابن عابدين
قائمة الكتب
قائمة المخطوطات
واحة الفكر والثقافة
وجهة نظر
سؤال وجواب
أحسن القول
اخترنا لكم
أخبار الدار
كلمة الشهر

كتمان الأسرار يدل على جواهر الرجال ، وكما أنه لا خير في آنية لا تمسك ما فيها ، فلا خير في إنسان لا يكتم سراً

Your thoughts guide you to your destiny. If you always think the same you will always get to the same place. Think in a new way and you will be a new person


 
النتائج  |  تصويتات اخرى

 









اشتراك

إلغاء الاشتراك

 
 
 


1445 - 1429 © موقع دار الثقافة والتراث ، جميع الحقوق محفوظة
Powered by Magellan