واحة الفكر
والثقافة
>>
دراسات قرآنية :
تابع التربية الروحية في الإسلام
الدعاء والاستجابة
قال الله تعالى :(وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ) "البقرة 186"
يزيل الله تعالى بهذه الآية الكريمة كلَّ الحواجز النفسية والمادية والبشرية ,ويحثُّه بذلك على التجرُّد من كل شيء ,والتوجُّه إليه بقلب نقيٍ صافٍ , واثق من حسن إجابته عزَّ وجل ,هذا التَّوجه هو عين الدعاء المستمر ,ليستمر القرب من حضرة الله ,والصلة معه.
إن الدعاء الحارَّ النابع من الأعماق ,يغسل القلوب ويطهِّر الأنفس من الأدران ,وهو الملجأ المحبِّ العاشق ,والمحتاج الملهوف ,والسعيد الظافر ,والحزين السقيم ,والمتألِّم المتأوِّه .
فهو مخرج من كلِّ ضيق ,و تعبير عن كل نشوة ,ولهذا فإن الله جلَّ وعلا يحب اللَحوحَ في الدعاء ,الذي يضرع إليه في سائر الأوقات والظروف .
والإنسان في حاجة دائمة إلى مدد علوي ,وعون إلهي في كل أموره ,لذلك فهو بالفطرة يبسط كفيه بالدعاء كلَّما داهمه خطب ,أو ألمت به نازلة وضاقت به السبل ,طالباً المعونة والفرج من خالقه ,مستزيداً من فضله .
والله تعالى يطمئن عباده بأنه قريب منهم ,بل أقرب إليهم من حبل الوريد ,فليتوجهوا إليه بقلوبهم وجوارحهم ,فهو معهم يسمعهم ويستجيب لهم ,وليس بينه وبينهم واسطة أو حجاب ,فليدعوه وليرجعوا بما شاؤوا .فالدعاء مخُّ العبادة ,لما له من دور هام في تمتين الصلة مع الله عزَّ وجل وإبقائها حية نابضة ,وقد حث الرسول الكريم عليه في أحاديث كثيرة منها قوله :(إن الله تعالى حييُّ كريم يستحي إذا رفع الرجل يديه أن يردَّهما صفراً خائبين )رواه أحمد وأبو داود عن سليمان رضي الله عنه .
وقوله صلى الله عليه وسلم :(الدعاء سلاح المؤمن ,وعماد الدِّين,ونور السموات والأرض )رواه أبو علي والحاكم عن الإمام علي رضي الله عنه .
وفي لحظات الدعاء الحقيقي يصل المؤمن إلى ذروة الصفاء مع الله عزَّ وجل,فتنحل القيود وتنزاح الحجب بين المخلوق والخالق ,ويهيم القلب المشرق بنور الله بين التَّذلل والتَّدلل,خاشعاً منيباً طامعاً بفضل الله راغباً في طلب المزيد,متوجِّهاً إلى ربٍّ جليل كريم ,حيث يقول سبحانه :(قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعائكم ..) "الفرقان آية 77"
وسنتابع عن آداب الدعاء في الحلقة القادمة بإذن الله تعالى .
والحمد لله رب العالمين
غازي صبحي آق بيق /أبو غانم
|