واحة الفكر
والثقافة
>>
دراسات قرآنية :
تابع التربية الروحية في الإسلام:
شروط استجابة الدعاء
قال الله تعالى:(ادعوا ربكم تضرُّعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفاً وطمعاً إن رحمة الله قريب من المحسنين)"سورة الأعراف 55-56".
الدعاء هو طلب المخلوق من الخالق تحقيق بعض غاياته أو قضاء حوائجه , ولا يمكن أن يثمر دعاء من أجل إصلاح ما فسد , أو إعادة بناء ما تهدم , ما لم يقترن بالعمل الجاد لتحقيق هذه الأهداف ؛ ولا يقبل الله تعالى دعاء من يترجَّى حضرة الله بلسانه من أجل الإعمار , بينما تحمل يده معول التخريب وتعمل الهدم والفساد في الأرض.
أما شروط استجابة الدعاء فهي :
1- اليقين بالإجابة مع حضور القلب , قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : (ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة , واعلموا أن الله لا يستجيب من قلب غافل لاهٍ ) رواه الترمذي والحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه.
2- عدم الدعاء بإثم أو قطيعة رحم وعدم الاستعجال على حضرة الله في الإجابة , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ما من رجل يدعو بدعاء إلا استجيب له , فإمَّا أن يعجل له في الدنيا , وأما أن يؤخر له في الآخرة , وإما أن يكفِّر عن ذنوبه بقدر ما دعا , ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم أو يستعجل فيقول: دعوت ربي فما استجاب لي ) رواه الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه.
3- توخِّي الحلال في المأكل والمشرب والملبس , فقد ورد في الحديث الشريف : (إن الرجل يطيل السفر, أشعث أغبر , يمد يديه إلى السماء , يا رب , يا رب , ومطعمه حرام ومشربه حرام وغذِّي بالحرام فأنَّى يستجاب لذلك ؟) رواه أحمد والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه .
4- الإكثار من الدعاء حين الرخاء , قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : (من سرَّه أن يستجيب الله له عند الشدائد والكرب فليكثر الدعاء في الرخاء ) رواه الترمذي والحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه .
5- الدعاء اللحوح , المتفجِّر في خفية عن الأعين والأسماع - سوى عين الله تعالى وسمعه - والممزوج بدموع القلوب المحترقة بحبِّ الله ,المعترفة بفضله وقوته ,هو الطريق لإعمار النفوس بالإيمان , والمجتمع بالخير والسَّلام .
6- عدم الاعتداء في الدعاء وذلك بطلب غير المشروع , كضرر العباد , أو طلب الغنى بلا كسب , كأن يكتفي الإنسان بالكلمات دون العمل وتعاطي الأسباب , والله تعالى يحب المتوكلين ولا يحب المتواكلين .
وطلب المغفرة مع الإصرار على الذنب , صورة من صور الاعتداء فلابدَّ من توبة وإنابة لكي يقبل الدعاء.
فالدعاء هو توثيق الصلة بين المؤمن وخالقه , وتمتين للعلاقة الفريدة بين الإنسان وربه , وهو حالة من حالات الوجد ولون من ألوان الوصل , تصلح به تربة القلب فلا ينبت بها إلا صالحاً , فإذا صلحت تربة القلب صلحت أرض المجتمع , وتلاشت عناصر الفساد وانهارت قوى الإفساد.
ورحمة الله تعالى ليست محجوبة عن أحد من خلقه شريطة أن ينفذ تعاليم الله عز وجل, وأن يحسن إلى نفسه فيجنِّبها مواطن الزلل, وأن يحسن إلى مخلوقات الرحمن الرحيم؛ بالحبِّ والودِّ والعطاء.
والحمد لله رب العالمين
غازي صبحي آق بيق/ أبو غانم
|