وجهة نظر
>>
خواطر شبابية :
كلمات لقلوب أحياها الحب :
بمجرد أن قدَّم لي أخي فضيلة الأستاذ خضر شحرور نسخة من كتاب "قلوب أحياها الحب" هرعت إلى منزلي، وما إن فتحته أقّلب صفحاته، حتى شعرت بيدي المؤلفة الأستاذة رزان دلعو تأخذان بخناقي، وتشداني إلى داخل الكتاب، وكأني وقعت رهينة بين يديها الكريمتين.
لقد أحاطت بي قصصه إحاطة السوار بالمعصم، وأخذت تضيق علي الخناق، وكأنها تقتضب تاريخي كله وأنا ابن السبعين.
نعم في كل قصة كنت أجد نفسي في زاوية من زواياها، أو في معنى من معانيها، حتى أنها لحقت بي إلى حقبة مهمة في حياتي عشتها في أمريكا، حيث كنت أتردد إلى مركز إسلامي في مدينة لوميتا في ولاية كاليفورنيا واسمه مسد النور.
هناك رأيت بالعجب العجاب من شاب مسلم أمريكي من جذور أفريقية، وهو كفيف.
صرت أراقبه بشكل دقيق، كان مثابراً على حضر فعاليات المركز بشكل منتظم وحسب التوقيت، لا يتأخر دقيقة واحدة.
وكنت أراه يجلس في الصفوف الأولى وهو يحتضن القرآن الكريم (على طريقة بريل).
كان يصغي للمحاضر وكأن على رأس الطير، تعرف ذلك من أسئلته الدقيقة بعد انتهاء المحاضرة.
اقتربت منه ذات يوم وقلت له بالحرف الواحد ـ وبالإنكليزية طبعاً ـ أقسم بالله بأنك المفتح الحقيقي والجاد في إسلامك، ونحن من حولك نتفاوت في درجة العمى واللامباة. وهذا عين ما تجده في قصة (دار النور) صـ232ـ.
هذا الشاب أحاطت به مجموعة ممن يدّعون الإسلام وهم عرب، وهمهم التكفير لا التنوير.
توددوا له كثيراً حتى دعاهم للنزول في ضيافته في منزل العائلة، ليتعرفوا على أهله، وبعد أيام اتصل بي هاتفياً وقال لي: أخي غازي أنا عندما دخلت في الإسلام علموني ماذا أقول وماذا أفعل، والآن أريد أن أترك الإسلام فماذا علي أن أقول وأفعل، عندما أنهى حديثه انفجرت ضاحكاً وقلت له لعلَّ هذه المجموعة المدعية للإسلام أحاطت بك؟ وهنا شهق من المفاجأة، لأن لم أكن أعلم بصلته معهم.
لقد كانوا مجموعة متزمتة بعيدة عن أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم في العطف، والحنان والرحمة، هؤلاء أصحاب القلوب المتحجرة، أين هم والشيخ سالم صـ198ـ من قصة جعلوني مجرماً صـ173ـ.
لقد أحيت هذه المجموعة القصصية مشاعر الحب في أعماقي وقد حسبت أنها اندثرت أو أنها وئدت منذ زمن بعيد، وبدلاً من أن أرقب وفاتي كلَّ حين أصبحت بفضلها طبيباً يشعر بقوة الحب الصادق تجاه جميع المرضى من حوله، فلم لا أقضي البقية الباقية من حياتي أعالج همومهم؛ كما فعلت هذه الأستاذة الكريمة رزان دلعو.
لقد قامت بعمل دعوي رائع من خلال قصصها، وبأسلوب عربي فصيح وجزل، بأسلوب يقتصر الشرور من قلبك ويقلع جذورها لتفترس في أرض القلوب وقد طَهُرت محبة الله عز وجل بشكل حضاري ومؤنس، مع تعليمات محببة كيف تكون إنساناً ناضجاً واعياً، حريصاً على كرامتك كمسلم ملتزم.
رعاك الله تعالى يا رزان وحفظك، ويا حبذا لو نشجع بعضاً البعض على احتواء هذا الكتاب المحيي للقلوب أو نقوم بإهدائه كوصفة جميلة ناجحة.
والرجاء أن تكريمنا بالمزيد من هذه الجواهر والدرر الكريمة، والحمد لله رب العالمين.
غازي آق بيق (أبو غانم).
ملاحظة: إني من المدمنين على سماع محاضرات فضيلة الأستاذين أحمد سامر القباني، وزميله محمد خير الطرشان في إذاعة القدس صباح كل يوم الساعة السابعة والربع ويعاد مساء في السادسة، مع المزيد من التوفيق والعطاء في دروب الحب والصدق مع حضرة الله سبحانه وتعالى.
|