وجهة نظر
>>
خواطر شبابية :
التربية الروحية في الإسلام
لم يقتصر دين الإسلام على مجرد الدعوة للإيمان بالله عز وجل فحسب؛ بل جاء للناس بمنهج تربوي كامل وشامل، لشتى فروع التربية التي تستند إليها المجتمعات الإنسانية، في عملية التقدم والتطور نحو الأفضل.
إن التربية الروحية نواة التربية الإسلامية وجوهرها، وقد قامت على قواعد قوية، وأسس متينة من شأنها توطيد أواصر الصلة بين المسلم وربه، وربط أسباب دنياه بأسباب آخرته.
وقد رافقتها التربية الأخلاقية كظلها، ثم أكلمت بالتربية الاجتماعية، التي كانت بمثابة الطابق الثالث في بناء التربية في الإسلام.
وإن أهم طاقة تنير هذا البناء: دوام ذكر الله وتسبيحه، وتلاوة كتابه، والاستقامة على عبادته، والتضرع إليه عز وجل بالدعاء.
إن من أبرز سمات تربية الإسلامية الروحية، الاعتدال والتوازن بين مطالب الروح ومطالب الجسد، وأقرب مثال على ذلك العبادات التي تُعْنَى بالجانبين الروحي والمادي في الإنسان، وقد جعلت متنوعة ومتكررة ليبقى المسلم على طهارة روحية متجددة تُقربه من الله تعالى، وتجذبه إليه كلما نأت به ماديات الحياة بعيداً عن الحضرة الإلهية.
وقد ظهرت ميزة الاعتدال بشكل أوضح في كثير من الآيات القرآنية، ففي طائفة منها نجد حضّاً للمؤمنين على طلب المنزلتين الروحية والمادية معاً كقوله تعالى {وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين} [القصص: 77].
وفي طائفة أخرى من الآيات يرشد الله تعالى المؤمنين لكي يجمعوا في دعائهم بين طلب الدنيا وطلب الآخرة وذلك في قوله جل وعلا في سورة البقرة قال تعالى{ فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم وأشد ذكرا فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق، ومنهم يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار،أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب} فالوسطية بين الروحانية المتطرفة، والمادية المفرطة الجامحة، أمر تستدعيه حياة المجتمع، والإسلام هو الذي تحققت فيه هذه الميزة، وتفرَّد بها عن غيره قال الله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا} [البقرة:143].
وسنتناول تباعاً أبرز الدعائم التي قامت عليها تربية الروح في الإسلام بإذن الله تعالى.
* هدية كتاب آيات قرآنية للتعليق الأجمل .
مقتطفات من كتاب "آيات قرآنية"
الجزء الأول.
إعداد غازي صبحي آق بيق
أبو غانم . |