وجهة نظر
>>
خواطر شبابية :
الاستقامة والوفاء بعهد الله عز وجل
قال الله تعالى {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا......} [فصلت: 30-33]
أن يقول المرء: ((ربي الله)) فهذا أسهل على اللسان، ويكاد أهل الأرض يجمعون على ترداد مثل هذا القول، ولكن قليلاً منهم من يشعر بالمسؤوليات والالتزامات التي تترتب على الاعتراف بوجوده تعالى، وبكونه خالقهم ومقدِّر أمورهم، ويدركون أنَّ عليهم أن ينظموا برنامج حياتهم وفق مخططاته عز وجل.
وسبيلهم إلى ذلك يتلخص في كلمة واحدة حيث يتبع أحدهم القول بالعمل؛ إنها الاستقامة التي تعني الالتزام الكامل بالتوجُّه نحو الله وبالله وفي سبيل الله جل جلاله.
فالاستقامة هي المسار الصحيح للإنسان في حياته العملية فيما يرضي الله عنه تعبدياً، وبما يسعد مجتمعه فكرياً أو مادياً أو جهداً عملياً.
وأعضاء مجتمع الاستقامة هم أهل الله تعالى وخلفاؤه في الأرض، تحوطهم العناية الربانية في الدنيا والآخرة، وتحفُّ بهم ملائكة الرحمة بالبشائر والاستغفار والرعاية الكريمة؛ قلوبهم واثقة بالله مطمئنة به، لا تعرف الخوف إلا منه عز وجل، جاء في صحيح مسلم عن سفيان بن عبد الله الثقفي رضي الله عنه قال: ((قلت يا رسول الله، قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً بعدك؛ قال: قل آمنت بالله، ثم استقم)).
وبمجرد أن ينوي المؤمن الاستقامة، ويقرر السير عليها بصدق، فإن الله تعالى يسخر له ملائكة الرحمة لتلهمه الحق، وترشده إلى طريق الخير والصلاح، ولتكون معه في وحشة القبر تؤنسه، وتزيل عنه الروع من أهوال يوم القيامة، وتدخل معززاً مكرماً إلى دار الخلود قائلة له: ((طيب وطاب محياك وطاب مماتك)).
إن الصبر على تكاليف الاستقامة أمر عسير، ولذلك يستحق الصابرون عند الله تعالى هذا الإنعام الكبير، الذي هو صحبة الملائكة وولاؤهم ومَّدتهم، وبشائرهم بالجنة التي فيها ما تشتهي أنفسهم وما يدعون، والتي اختارها تعالى داراً لإقامتهم {نزلاً من غفور رحيم} فهي من عند الله المنعم المتفضل أنزلهم فيها بمغفرته ورحمته، فأي نعيم بعد هذا النعيم؟
كان الحسن رضي الله عنه إذا تلا هذه الآية {ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال: إنني من المسلمين} قال: ((هذا وليُّ الله، هذا صفوة الله، هذا خيرة الله، هذا والله أحبُّ أهل الأرض إلى الله، أجاب الله دعوته، ودعا الناس إلى ما أجاب إليه)).
إن الإسلام يجعل مركز الصدارة للدعاة الذين استقاموا على طريق الله عز وجل، ليصبحوا أشرف الخلق، وأحبُّ الخلق إلى الله، يدعون الناس إلى الإيمان بأقوالهم وأفعالهم، بل إن أفعالهم لتسبق أقوالهم، فهم منارات للهدى، وبصائر للأفئدة، وهم المسلمون حقاً وصدقاً.
* هدية نسخة كتاب آيات قرآنية لصاحب أفضل تعليق .
غازي صبحي آق بيق
أبو غانم
|