وجهة نظر
>>
خواطر شبابية :
ذكر الله تعالى وحسن الصلة به 1
قال الله تعالى {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق...} [الحديد: 16-17].
لابد للمؤمنين من شخذ همهم لاجتياز طريق الإيمان بمحبة الله تعالى وخشيته والخشوع لحضرته، حتى تتمزج خلاياهم الروحية بأنواه القدسية، وتتفجر ينابيع عواطفهم بذكره وتلاوة كتابه الكريم.
لقد ابتعد الكثير من الناس عن المنابع الروحية لرسالات الأنبياء ردحاً طويلاً من الزمن، فتحجرت عواطفهم الإيمانية وانحرفوا عن السلوك القويم الموصل إلى محبة الله تعالى ورضوانه.
وكما أن الله تعالى يحيي الأرض بعد مواتها بقطرات من غيث السماء، فإنه تعالى قادر على أن يحي أرض القلوب القافلة بسبب قوافل الذنوب، بنفحات من تجلياته وأنواره، إذا ما انكسروا على أعتابه الكريمة خاشعين متذللين وتائبين.
إن بعض الصحابة الكرام توهجت قلوبهم بمحبة الله عز وجل بمجرد مبايعتهم للنبي صلى الله عليه الصلاة والسلام على الإسلام، ولم تمض عليهم أيام قليلة حتى تعرضوا لمختلف أنواع الابتلاء والتعذيب الجسدي فصبروا وصابروا، ومنهم من استشهد، فما وهنوا ولا تراجعوا. وبعضهم أعلن إسلامه ظاهراً، ولم تنبض قلوبهم بروح الإسلام، ولم تنصهر مشاعرهم بذكر الله تعالى، فكان عليهم أن يتنبهوا لحسن إسلامهم، وإعمار قلوبهم بمحبة الله سبحانه وعشقه.
وهذه الآية تحمل لهم عتاباً مؤثراً من المولى الكريم، واستبطاءً لاستجابة قلوبهم التي أفاض عليها من فضله، حيث بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يدعوهم للإيمان، ونزل عليهم الآيات البينات لتخرجهم من الظلمات إلى النور، من ظلمات الهوى إلى نور الطاعة والعمل الصالح.
إنه عتاب فيه ود ومحبة لاستشارة المشاعر بجلال الله جل جلاله والخشوع لذكره. وإلى جانب ذلك فيه تحذير من عاقبة التباطؤ والتقاعس عن الاستجابة، وبيان لما يغشى القلوب من الصدأ، حين يمتد بها الزمن دون جلاء، وما تنتهي إليه من القسوة، حين تغفل عن ذكر الله عز وجل. وما أشد العذاب النفسي الذي يقع فيه من قسا قلبه بعد الإيمان! وما أخطر أن يقسو القلب فيفسق عن أمر الله، ويبتعد عن حوض عطائه النوراني الكريم. والعبر كثيرة في قسوة القلوب عند كثير من أتباع الرسالات السماوية، الذين تحولت عبادتهم إلى طقوس جوفاء، لا تنعش الروح، ولا تغذي القلب؛ وكان جدير بهم أن يلتجئوا إلى الله تعالى، الذي يلين أرض القلوب بعد قسوتها كما يحي التربة بعد موتها.
فلنسرع إلى مجالس الذكر والإيمان، مجالس الحب في الله مع لأولياء الصالحين، حيث تنعش القلوب بالتجليات الربانية والنفحات الإلهية، ولنسرع إلى صلوات الجماعة ففيها عطاء وبركة وإلى كتاب الله تعالى نتدارس آياته بوعي وفهم، بعشق وحنين، ليتفتح ورد الإيمان وتزهر أغصان العمل.
عن مالك بن أنس قال بلغني أن عيسى عليه السلام قال لقومه: ((لا تكثروا الكلام في غير ذكر الله تعالى فتقسو قلوبكم، فإن القلب القاسي بعيد من الله ولكمن لا تعلمون، ولا تنظروا في ذنوب الناس كأنكم أرباب، وانظروا فيها كأنكم عبيد، فإنما الناس رجلان معافى ومبتلى، فارحموا أهل البلاء واحمدوا الله على العافية)).
* هدية كتاب آيات قرآنية للتعليق الأجمل .
غازي صبحي آق بيق
أبو غانم |